قوله: { كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ } أي:
ويطهركم من الشرك { وَيُعَلِّمُكُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ } الكتاب: القرآن. والحكمة:
السنة. { وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ } [يقول: كما فعلت
ذلك بكم فاذكروني بطاعتي أذكركم برحمتي] { وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ } أي
ولا تكفروني النعمة. وهذا الكفر في هذا الموضع كفر النعم.
قوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللهَ مَعَ
الصَّابِرِينَ }. قال بعض المفسّرين: ليعلم أنهما عون على طاعة الله. وقال
بعضهم: الصبر ها هنا الصوم. وقال بعضهم: الصبر على ما أمروا به وعما نهوا
عنه؛ وهو حقيقة التأويل.
قوله: { وَلاَ تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِن لاَّ
تَشْعُرُونَ } أنتم كيف تلك الحياة التي هي حياة الشهداء.
ذكروا عن عبد الله بن مسعود أنه قال: إن أرواح الشهداء في حواصل طير
خضر ترعى في الجنة، ثم تأوى إلى قناديل معلقة بالعرش.
ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما بين حياة الشهيد في الدنيا وبين حياته في
الآخرة إلا كمضغ تمرة" .
وقال بعضهم: كنا نُحدَّث أن أرواح الشهداء تعارف في طير بيض وخضر
يأكلن من ثمار الجنة، وأن مساكنهم السدرة، وأن للمجاهد في سبيل الله ثلاث
خصال: من قتل في سبيل الله صار حيّاً مرزوقاً، ومن غُلِب آتاه الله أجراً عظيماً،
ومن مات رزقه الله رزقاً حسناً.
ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" "إن الشهيد لا يجد ألم القتل إلا كما يجد ألم
القرصة" .