التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
١٨٣
-البقرة

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ } أي فرض عليكم { الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ } أي كما كتب { عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } يعني أمة موسى وعيسى { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }.
قال بعضهم: هو رمضان كتبه الله على من قبلكم؛ وكان فيما كتب عليهم ألاّ يأكلوا ولا يشربوا ولا يطأوا النساء بعد رقادهم من الليل إلى مثلها من القابلة. وكان قوم من أصحاب النبي عليه السلام يصيبون ذلك بعد رقادهم فأنزل الله: { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ }، والرفث: الغشيان، { هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ }. أي: هن سكن لكم وأنتم سكن لهن.
{ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ. فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ } . [البقرة:187].
قال الحسن: كتب على النصارى صيام رمضان فصاموا زماناً. فجعل أحياناً يكون في الحر الشديد فحوّلوه، ووضعوه في زمان لا يكون فيه حر. فصاموا ذلك زماناً. ثم قالوا: لنزيدنَّ في صيامنا لمّا حوّلناه؛ فزادوا فيه عشرة أيام. فصاموا كذلك زماناً. ثم إن ملكهم اشتكى؛ فنذر إن عافاه الله أن يزيد في الصيام سبعة أيام. فعافاه الله، فزاد في الصيام سبعة أيام، فصاموا كذلك زماناً. ثم إن ذلك الملك هلك، فاستُخْلِف ملِكٌ آخر، فقال: ما بال هذه الثلاثة أيام ناقصة من صيامنا، فأتمَّها خمسين يوماً.
ذكر عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر" .
ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الفجر فجران؛ فأما الذي كأنه ذنب السرحان فإنه لا يحل شيئاً ولا يحرمه، وأما المستطير الذي يأخذ بالأفق فإنه يحل الصلاة ويحرّم الصيام" قال: ومجمل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويحرم الصيام أن يوجب الصيام فلا يحل إذا طلع الفجر أكل ولا شرب ولا وطء. قوله: { وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ } [البقرة:187] أي: من الولد، يطلبه الرجل فإن كان ممن كتب الله منه الولد رزقه الله الولد. وقال بعضهم: { مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ } أي ما أحل الله لكم.