التفاسير

< >
عرض

شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيۤ أُنْزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
١٨٥
-البقرة

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرْءَانُ }. نزل في رمضان ليلة القدر جملة واحدة إلى السماء الدنيا. وهو قوله: { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } [القدر:1].
ذكر الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: نزل القرآن في ليلة القدر إلى السماء الدنيا جملة واحدة. ثم جعل بعد ذلك ينزل نجوماً، ثلاث آيات وأربع آيات وخمس آيات وأقل من ذلك وأكثر. ثم تلا هذه الآية:
{ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ } [الواقعة:75].
قوله: { هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ } والفرقان: الحلال والحرام. وقال بعضهم: الفرقان: المُخرِج من الشبهة والضلالة.
{ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } أي: من كان مقيماً فليصمه، ومن خرج من رمضان فإن شاء صام وإن شاء أفطر { وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ }.
قوله: { يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ } ذكروا عن ابن عباس أنه قال: إنما يريد الله بالإِفطار في السفر التيسير عليكم؛ فمن يسّر عليه الصوم فليصم، ومن يسر عليه الإِفطار فليفطر. ذكر أبو حمزة عن ابن عباس أنه قال: عسر ويسر فخذ بأيهما شئت.
ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إن خير دينكم أيسره" . ذكروا عن بعض السلف أنه قال: إن كتاب الله قد جاءكم بذلك ورب الكعبة؛ قال الله: { يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ }.
ذكروا عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما عرض لرسول الله أمران إلا أخذ أيسرهما، ما لم يكن إثماً، وكان أبعد الناس عن الإِثم. وما غضب رسول الله لنفسه قط.
قوله: { وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ } أي ثلاثين يوماً أو تسعة وعشرين يوماً. وقد فسّرناه في الآية الأولى.
قوله: { وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }. ذكر جعفر بن محمد أن أباه كان يكبّر ليلة الفطر، فلا يزال يكبّر حتى يصلّي مع الإِمام صلاة العيد. وكان بعضهم يجهر بالتّكبير حتى يغدو إلى المصلّى.
وذكروا أن علياً كان يكبّر على بغلته يوم الفطر وهو متوجّه إلى المصلّى. ومن السنة أن يكبّر الإِمام على المنبر في المصلى يوم العيد تسع تكبيرات قبل أن يخطب الخطبة الأولى، ثم يكبّر قبل أن يخطب الخطبة الأخيرة سبع تكبيرات.