التفاسير

< >
عرض

وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ رَؤُوفٌ بِٱلْعِبَادِ
٢٠٧
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱدْخُلُواْ فِي ٱلسِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ
٢٠٨
فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جَآءَتْكُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
٢٠٩
-البقرة

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ } أي بالمؤمنين من عباده. قال: إن المؤمن دعا الكافر إلى طاعة الله فأبى، فشرى المؤمن نفسه بالجنة، أي باع نفسه بالجنة فاشتراها. قال: { ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ } بالجهاد في قتال المشركين. وهو مثل قوله: { إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ } [التوبة:111].
وقال بعضهم: إن أصحاب النبي من المهاجرين والأنصار، لما رأوا المشركين يدعون مع الله إِلهاً آخر، شروا بأنفسهم غضب الله، وجاهدوا في سبيل الله حتى أظهر الله دينَه.
قوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً } والسلم: الإِسلام قال الحسن: هو مثل قوله:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَءَامِنُوا بِرَسُولِهِ } [الحديد:28]، ومثل قوله: { اتَّقُوا اللهَ وكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } [التوبة:119] أي المؤمنين الذين صدقوا في قولهم وفعلهم، أي أَكمِلوا الدين ولا تنقصوه فإنكم لا تستوجبون ثوابه إلا بالإِكمال والوفاء. وقال الحسن: هو كقوله: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ } [الأحزاب: 1] ولا يجعلها من هذا الوجه.
وقال الكلبي: { ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً }، يعني شرائع الإِسلام، كأنه يقول: استكملوا الإِيمان.
قوله: { وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ } أي أمر الشيطان. وهو أن يأخذوا شرائع دينهم الأول. { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } أخبرهم أن الشيطان لهم عدو مبين، أي بيّن العداوة.
{ فَإِن زَلَلْتُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ } يعني بالزلل الكفر قال بعض المفسّرين: أنزلها الله وقد علم أنه سيزلّ زالّون.
وقال بعضهم في تأويل خطوات الشيطان قال: هي العداوة والمعاصي. وقال بعضهم { ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً } أي: في الإِسلام جميعاً.
قوله: { فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ } أي: في نقمته { حَكِيمٌ } أي: في أمره. وقال السدي: تفسير العزيز: هو المنيع في نقمته.