قوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالمَنِّ وَالأَذَى } فيصير مثلكم
فيما يحبط الله من أعمالكم { كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ
الآخِرِ }.
قال الحسن: كان بعض المسلمين يقولون: فعلت كذا وكذا، وأنفقت كذا
وكذا، فقال الله: { لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا
يؤمن بالله واليوم الآخر }، وهو المنافق. قال: { فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ }
كذلك الكفار الذين يطلبون بنفقتهم في سبيل الله الرياء لا يقدرون على شيء منه يوم
القيامة. والصفوان الصفا. { فَأَصَابَهُ وَابِلٌ } والوابل المطر الشديد. { فَتَرَكَهُ
صَلْداً } أي نقياً. قال: { لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا } يومئذ { وَاللهُ لاَ يَهْدِي
القَوْمَ الكَافِرِينَ }.
قال بعضهم: هذا مثل ضربه الله لأعمال الكفار يوم القيامة. يقول: لا يقدرون
على شيء مما كسبوا يومئذ كما ترك المطر الوابل هذا الصفا، أي الحجر، ليس عليه
شيء.
قوله: { وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ } قال
الحسن: ينوون إذا تصدقوا أنهم يريدون به ما عند الله، يعلمون أن لهم به الجزاء
من الله. وقال بعضهم: تثبيتاً أي: احتساباً قال الحسن: فمثلهم في نفقتهم
{ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ } أي بنشز من الأرض { أَصَابَهَا وَابِلٌ } وهو المطر الشديد.
{ فَأَتَتْ أُكُلَهَا } أي ثمرتها { ضِعْفَيْنِ } أي مرّتين { فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ } أي
الطش. { وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }.
وقال الحسن: لا تخلف خيرها على كل حال، كذلك لا تخلفهم نفقاتهم أن
يصيبوا منها خيراً. وقال بعضهم: يقول: ليس لعمل المؤمن خلف كما ليس لهذه
الجنة خلف على أي حال كان، إن أصابها وابل وإن أصابها طل.