التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ قُلْنَا ٱدْخُلُواْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَٰيَٰكُمْ وَسَنَزِيدُ ٱلْمُحْسِنِينَ
٥٨
فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ
٥٩
-البقرة

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ القَرْيَةَ } أي بيت المقدس { فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً } أي لا حساب عليكم فيه. { وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً } قال بعضهم: هو باب من أبواب بيت المقدس { وَقُولُوا حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ } فازدحموا على أوراكهم خلافاً لأمر الله.
وقال الحسن: رفع لهم باب، فأمروا أن يسجدوا لله، يضعوا جباههم ويقولوا حطّة، وهو كقولك: احطط عنا خطايانا. وإنما ارتفعت لأنها حكاية. قال: قولوا: كذا وكذا. قال الحسن: فدخلوا وقد حرفوا وجوههم، ولم يسجدوا وقالوا: حنطة. وقال بعضهم: بل قالوا حبة شعيرة.
قال الله: { فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً [أي: عذاباً] مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ }. قال بعضهم: بلغنا أن ذلك العذاب كان الطاعون، فمات منهم سبعون ألفاً.
ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"الطاعون بقية رجز وعذاب عذِّب به من كان قبلكم، فإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها، وإن وقع بأرض ولستم فيها فلا تقدموا عليها" . وذكروا عن النبي عليه السلام أنه قال: "الطاعون رجز أرسل من قبلكم على بني إسرائيل، فإذا وقع بأرض فلا تخرجوا فراراً منه، وإذا سمعتم به في أرض فلا تدخلوا عليه" .
وتفسير مجاهد: أمر موسى قومه أن يدخلوا سجداً ويقولوا حطة، وطؤطئ لهم الباب ليخفضوا رؤوسهم فلم يسجدوا، وقالوا حنطة، فنتق فوقهم الجبل، أي: قطع؛ فجعل فوقهم وأشرف به عليهم. فدخلوا الباب سجداً على خوف وأعينهم إلى الجبل، فرفع عنهم.
وقال الكلبي: لما فصلت بنو إسرائيل من أرض التيه ودخلوا العمران، وكانوا بجبال أريحا من الأردن قيل لهم: ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغداً. وكانت بنو إسرائيل قد أخطأوا خطيئة، فأحبّ الله أن يستنقذهم منها إن تابوا، فقيل لهم: إذا انتهيتم إلى باب القرية فاسجدوا، وقولوا حطة تحط عنكم خطاياكم، وسنزيد المحسنين الذين لم يكونوا من أهل تلك الخطايا إحساناً إلى إحسانهم. فأما المحسنون ففعلوا ما أمروا به. وأما الذين ظلموا فبدّلوا قولاً غير الذي قيل لهم فقالوا: حطتا سمقتا بالسريانية: أي: حنطة حمراء استهزاءً وتبديلاً لقول الله. قوله: { نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ }. أي: من كان محسناً زيد في إحسانه، ومن كان مخطئاً غفرت له خطيئته.