التفاسير

< >
عرض

وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ ٱلنَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ ٱلْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ
٩٦
قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ
٩٧
مَن كَانَ عَدُوّاً للَّهِ وَمَلاۤئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَٰلَ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ
٩٨
وَلَقَدْ أَنْزَلْنَآ إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَآ إِلاَّ ٱلْفَاسِقُونَ
٩٩
-البقرة

تفسير كتاب الله العزيز

قال: { وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ }. قال الحسن: يعني مشركي العرب. و[قال ابن عباس: الذين أشركوا هم المجوس، وذلك أن المجوس كانوا يلقون الملك بالتحية في النَّيْرُوزِ والمَهرجان فيقولون له: عش أيها الملك ألف سنة كلها مثل يومك هذا]. وذكر سعيد بن جبير عن ابن عباس: [هو قول أحدهم إذا عطس: "زه هزار سال"].
قال: { وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ العَذَابِ أَن يُعَمَّرَ } أي: وما عمره بمزحزحه أي بمنجيه من العذاب { وَاللهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ }.
قوله: { قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ } قال الحسن: إن اليهود قالوا: إن جبريل لا يأتينا إلا بالشتم والذمّ، وإنما يفعل ذلك لعداوة بيننا وبينه، وميكائيل ليِّن؛ فعادَوا جبريلَ. فأنزل الله: { قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ }. أي نزّل القرآن الذي فيه شتم اليهود وعيبهم بإذن الله { مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } أي من كتب الله المتقدّمة.
وقال بعضهم:
"إن اليهود قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: من صاحبك الذي يأتيك بالوحي؟ فقال:جبريل. فقالت: ذلك عدوّنا من الملائكة، وإنه ينزل بالعذاب والنقمة، وإن ميكائيل ينزل باللّين والرحمة" ، أو كما قالوا.
وقال بعضهم: فإنه نزله على قلبك، أي نَزَّل القرآنَ على قلبك.
قال: وذكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتى نفراً من اليهود. فلما أبصروه رحّبوا به، فقال: أما والله ما جئتكم لحبّكم، ولا لرغبة فيكم، ولكن جئت لأسمع منكم. فسألهم وسألوه. فقالوا له: من صاحب صاحبكم؟ فقال: جبريل. قالوا: ذاك عدونا من أهل السماء، يطلع محمداً على سرنا، وهو إذا جاء جاء بالحرب والسنة. وكان صاحب صاحبنا ميكائيل، وكان إذا جاء جاء بالسلام وبالخصب. فقال لهم عمر: أفتعرفون جبريل وتنكرون محمداً. ففارقهم عند ذلك، وتوجه نحو النبي عليه السلام ليحدثه حديثهم فوجده قد أنزلت عليه هذه الآية: { قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ... } إلى أخر الآية.
وقال بعضهم: جادلهم عمر حين قالوا إن جبريل عدوّنا من الملائكة وميكائيل وليُّنا. فقال لهم: حدثوني عن وليّكم من الملائكة، هل يتولّى عدوّكم من الملائكة. فإن كان يتولى وليُّكم من الملائكة عدوَّكم من الملائكة فلِمَ عاديتم من يتولاه وليّكم؟ فمن عادى جبريل فهو عدو الله والملائكة والمؤمنين. فأنزل الله مصداق عمر:
{ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّلَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ } قال الكلبي: إنَّ اليهود قالت: إِنَّ جبريل عدوٌّ لنا. فلو أنَّ محمداً يزعم أنَّ ميكائيل هو الذي يأتيه صدَّقناه. وإن جبريل عدوٌّ لميكائيل؛ فقال عمر: فإني أشهد أن من كان عدوّاً لجبريل فإنه عدوٌّ لميكائيل؛ فأنزل الله هذه الآية.
قوله: { وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ ءَايَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الفَاسِقُونَ } يعني جميع من كفر بها.