التفاسير

< >
عرض

وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ
٤٢
وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ
٤٣
وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَىٰ فَأمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ
٤٤
فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ
٤٥
أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ٱلأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَىٰ ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ
٤٦
-الحج

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ } يعني الذين بعث الله إليهم شعيباً. قال: { وَكُذِّبَ مُوسَى } أي: كذّبه فرعون وقومه { فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ } والذين كفروا، يعني جميع هؤلاء لم أهلكهم عند تكذيبهم رُسُلهم، حتى جاء الوقت الذي اردت أن أهلكهم فيه. { ثُمَّ أَخَذتُهُمْ } أي: بالعذاب حين جاء الوقت { فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } أي: عقابي، أي: كان شديداً. يحذّر بذلك المشركين.
قوله: { فَكَأَيِّن مِّنْ قَرْيَةٍ } أي: فكم من قرية { أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ } يعني أهلكنا أهلها. { فَهِيَ خَاوِيَةٌ } أي: فالقرية خاوية ليس فيها أحد. قد هلك أهلها. فهي خاوية { عَلَى عُرُوشِهَا } أي: على بنيانها. وبعضهم يقول: العروش السقوف، صار أعلاها أسفلها { وَبِئرٍ مُّعَطَّلَةٍ } أي: باد أهلها فعطِّلت { وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ } أي: مبني معطّل. [معطوف] على قوله معطّلة. وقال الكلبي: المشيد الحصين.
قوله: { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ } يعني المشركين { فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ أَو ءَاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا } أي: لو ساروا وتفكروا لعاينوا ما نزل بإخوانهم من الكفار فيتوبون لو كانت لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها. { فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى القُلُوبُ التِي فِي الصُّدُورِ } أي: إنما أوتوا من قِبَل قلوبهم. ولو أن رجلاً كان أعمى بعد أن يكون مؤمناً لم يضرّه شيء وكان قلبه بصيراً.
وقال بعضهم: إنما هذه الأبصار التي في الرؤوس جعلها الله منفعة وبلغة، وأما البصر النافع فهو في القلب. وذكر لنا أنها نزلت في عبد الله بن زائدة.
ذكروا عن مجاهد قال: لكل عين، يعني نفساً، أربعة عيون: عينان في رأسه لدنياه، وعينان في قلبه لآخرته. فإن عميت عينا رأسه وأبصرت عينا قلبه لم يضره عماه شيئاً. وإن أبصرت عينا رأسه وعميت عينا قلبه لم ينفعه [بصره] شيئاً إذا عميت عينا قلبه. قال الله: { فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى القُلُوبُ التِي فِي الصُّدُورِ }.