التفاسير

< >
عرض

وَجَاهِدُوا فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ ٱجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَـٰذَا لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَـاةَ وَٱعْتَصِمُواْ بِٱللَّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ
٧٨
-الحج

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ } وهو مثل قوله: { اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ } [آل عمران: 102]. وهما منسوختان؛ نسختهما الآية التي في التغابن: { فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } [التغابن: 16].
قوله: { هُوَ اجْتَبَاكُمْ } أي: هو اصطفاكم. ويقال: هو اختاركم لدينه، وهو واحد.
قوله: { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } أي: من ضيق.
ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"خير دينكم أيسره" .
وقال [قتادة]: إن كتاب الله قد جاءكم بذلك ورب الكعبة: { يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ } [البقرة: 185].
ذكروا عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"والذي نفسي بيده ما اجتمع أمران في الإِسلام إلا كان أحبُّهما إلى الله أيسرَهما.
"
ذكروا عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت: "ما عرض لرسول الله أمران إلا أخذ بأيسرهما ما لم يكن إثماً، وكان أبعد الناس من المآثم" .
قوله: { مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ } أي: الله هو سمّاكم المسلمين { مِن قَبْلُ } أي: من قبل هذا القرآن، أي: في الكتب الأولى وفي الذكر. { وَفِي هَذَا } القرآن.
قوله: { لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ } أي: بأنه قد بلّغ { وَتَكُونُوا شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ } أي: على الأمم بأن الرسل قد بلغت قومها.
ذكروا أن كعباً قال: إن الله أعطى هذه الأمة ثلاثاً لم يعطهن قبلهم إلا نبياً مرسلاً؛ كان يبعث النبي فيقول: أنت شاهدي على أمتك، وإن الله جعلكم شهداء على الناس. ويبعث النبي فيقول: ادعني أستجب لك. وقال:
{ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } [غافر: 60]. ويبعث النبي فيقول: ليس عليك في الدين من حرج، وقال الله: { مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ }.
قوله: { فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ } إنهما فريضتان واجبتان؛ أما الصلاة فالصلوات الخمس يقيمونها على وضوئها ومواقيتها وركوعها وسجودها. وأما الزكاة فقد فسّرناها في أحاديث الزكاة على ما سنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها.
قوله: { وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ } أي: بدين الله، فهو اعتصامكم بالله في قول الحسن. وقال الكلبي: بتوحيد الله وبفرائضه، وهو واحد.
قوله: { هُوَ مَوْلاَكُمْ } أي: وليّكم { فَنِعْمَ المَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ } وعدهم النصر على أعدائهم من المشركين.