التفاسير

< >
عرض

فَإِذَا رَكِبُواْ فِي ٱلْفُلْكِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ
٦٥
لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ يَعلَمُونَ
٦٦
أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَكْفُرُونَ
٦٧
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ
٦٨
وَٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ
٦٩
-العنكبوت

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { فَإِذَا رَكِبُوا فِي الفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } أي: إذا خافوا الغرق { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى البَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُوا بِمَا ءَاتَيْنَاهُمْ }. وقال في آية أخرى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً } [إبراهيم: 28] قال: { وَلِيَتَمَتَّعُوا } أي: في الدنيا { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } أي: إذا صاروا إلى النار. وهذا وعيد.
قوله: { أَوَلَمْ يَرَوا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً ءَامِناً } أي: بلى قد رأوا ذلك { وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ }، يعني أهل الحرم، إنهم آمنون، والعرب حولهم يَقتُل بعضهم بعضاً ويَسْبِي بعضهم بعضاً. قال الله: { أفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ } أفبإبليس يؤمنون، أي: يصدّقون، أي: يعبدونه بما وسوس إليهم من عبادة الأوثان، وهي عبادته. قال في آية أخرى:
{ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي ءَادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } [يس: 60-61] قال: { وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ } وهذا على الاستفهام، أي: قد فعلوا. قوله: { وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ } يعني ما جاء به النبي عليه السلام من الهدى.
قال: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً } فعبد الأوثان دونه { أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ } أي: بالقرآن { لَمَّا جَاءَهُ } أي: لا أحد أظلم منه، ثم قال: { أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِّلْكَافِرِينَ } وهو على الاستفهام، أي: بلى فيها مثوى للكافرين.
قوله: { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا } [يعني عملوا لنا] { لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } أي: سبيل الهدى، أي: الطريق إلى الجنة. نزلت قبل أن يؤمر بالجهاد، ثم أُمِر بالجهاد بعدُ بالمدينة. قال الله: { وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } أي: المؤمنين.