قوله: { لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى }. أي بالألسنة، في تفسير الحسن وغيره، وأما
أنتم فتنصرون عليهم. { وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ }. يقول: وإن ينصبوا لكم الحرب
{ يُوَلُّوكُمُ الأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ }.
قوله: { ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا } أي: حيثما وجدوا { إِلاَّ بِحَبْلٍ
مِّنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ } قال مجاهد: إلا بعهد من الله وعهد من الناس
{ وَبَآؤوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللهِ } أي استوجبوا غضباً من الله وغضباً من الناس، أي
المؤمنين { وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ المَسْكَنَةُ } يعني ما يؤخذ منهم من الجزية.
قال بعضهم: لا تلقى اليهودي إلا يُنْبِيك أنه مسكين.
{ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ } يعني
أوَّليهم، وليس يعني الذين أدركوا النبي عليه السلام. { ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا
يَعْتَدُونَ }.
قوله: { لَيْسُوا سَوَاءً } يقول: ليس كل أهل الكتاب كافرين. بل { مِّنْ أَهْلِ
الكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ } أي: بأمر الله، مهتدية. يعني من آمن منهم بالنبي عليه السلام
في تفسير الحسن.
وقال غيره: ليس كل القوم هلك، قد كان فيهم بقيّة أمة قائمة على
كتاب الله وحدوده وفرائضه. وقال مجاهد: أمةٌ عَدْلٌ. { يَتْلُونَ } أي يقرأون
{ ءَايَاتِ اللهِ ءَانَآءَ الَّيْلِ } أي: ساعات الليل { وَهُمْ يَسْجُدُونَ } أي: يصلّون.
{ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ } [يعني بالإِيمان] { وَيَنْهَوْنَ
عَنِ المُنكَرِ } [يعني عن التكذيب بمحمد] { وَيُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ } أي
الأعمال الصالحة { وأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ } وهم أهل الجنة.
ذكروا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم
وإن قيام الليل قربة إلى الله، وتكفير للسيئات، ومنهاة عن الاثم، ومَطرَدة للداء عن
الجسد" .