قوله: { هَأَنتُمْ أُوْلاَءِ تُحِبُّونَهُمْ }. يقول للمؤمنين: أنتم تحبّون المنافقين
[لأنهم أظهروا الإِيمان، فأحَبّوهم على ما أظهروا، ولم يعلنوا ما في قلوبهم]
{ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالكِتَابِ كُلِّهِ } أي: وهم لا يؤمنون، وفيها إضمار.
قوله: { وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ }
أي أطراف الأصابع، أي: عداوة لله ولرسوله وللمؤمنين. وقالوا بعضهم: إذا لقوا
الذين آمنوا قالوا آمنا، ليس بهم إلا مخافة على دمائهم وأموالهم. { وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا
عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ }، لِمَا يَجِدُونَ فِي قُلُوبِهِمْ مِّنَ الغَيْظِ والكراهة للذي هم
عليه.
قال الله لنبيه: { قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } أي: بما
في الصدور.
قوله: { إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ } يعني بالحسنة الظهور على المشركين
والنصر عليهم. { وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ } أي نكبة من المشركين { يَفْرَحُوا بِهَا } في
تفسير الحسن.
وقال بعضهم: إِنْ تُصِبْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا، أي:
إذا رأوا من أهل الإِسلام أُلفةً وجماعة وظهوراً على عدوّهم غاظهم ذلك وساءهم،
وإذا رأوا من أهل الإِسلام اختلافاً وأصيب طرف من أطراف المسلمين سرّهم ذلك
وأعجبوا به.
قال: { وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً }، يعني المنافقين،
لأنهم لا شوكة لهم إلا بالأذى، ولا يضرّون إلا أذى بالألسنة. { إِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ
مُحِيطٌ } أي بأعمالهم يحفظها حتى يجازيهم بها.