التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً
٤١
وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى ٱلأُمَمِ فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً
٤٢
ٱسْتِكْبَاراً فِي ٱلأَرْضِ وَمَكْرَ ٱلسَّيِّىءِ وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ ٱلأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحْوِيلاً
٤٣
-فاطر

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولاَ } أي: لئلا تزولا. { وَلَئِن زَالَتَآ إِن أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ }. وهذه صفة. يقول: إن زالتا ولن تزولا.
ذكروا عن الأعمش عمّن حدّثه عن عبد الله بن مسعود أن رجلاً جاء إليه؛ فرأى عبدُ الله بن مسعود عليه أثرَ السفر، فقال له: من أين قدمت؟ قال: من الشام. قال: فمن لقيت؟ قال: لقيت فلاناً وفلاناً، ولقيت كعبَ الأحبار. قال: فما حدّثك به؟ قال: حدّثني أن السماوات تدور على منكبي مَلك. فقال عبد الله بن مسعود: ليتك افتديت من لُقِيّك إياه براحلتك ورَحلك؛ كذب كعب، إن الله يقول: { إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَآ إِن أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ }. قال الله: { إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً } أي: حليماً لا يعجِّل بالعقوبة، غفوراً لمن تاب وآمن.
قوله: { وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ لِّيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الأُمَمِ } كقوله:
{ وَإِن كَانُوا لَيَقُولُونَ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مِّنَ الأَوَّلِينَ لَكُنَّا عِبَادَ اللهِ المُخْلَصِينَ } [الصافات: 167-169]. قال الله: { فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ } أي: محمد صلى الله عليه وسلم { مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً } أي: الإِيمان.
{ اسْتِكْبَاراً فِي الأَرْضِ } أي: عن عبادة الله { وَمَكْرَ السَّيِّىءِ } يعني الشرك وما يمكرون برسول الله وبدينه. وقال في آية أخرى:
{ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا... } إلى آخر الآية [الأنفال: 30].
قال: { وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ } وهذا وعيد لهم. قال: { فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الأَوَّلِينَ } أي: سنة الله في الأولين. كقوله:
{ سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ } [غافر: 85] المشركين، أي: إنهم كانوا إذا كذّبوا رسلهم أهلكهم، فيؤمنون عند نزول العذاب فلا يقبل ذلك منهم.
قال: { فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً } أي: لا يبدِّل بها غيرها { وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً } أي: لا تحول. وأخّر عذاب كفار آخر هذه الأمّة إلى النفخة الأولى بالاستئصال، بها يكون هلاكهم. وقد عذّب أوائل مشركي هذه الأمَّة بالسيف يوم بدر.