قوله: { وَلاَ تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ } أي: لا تضعفوا في طلب القوم، وذلك
يوم أحد. وقد فسرنا ذلك قبل هذا الموضع. { إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَألَمُونَ كَمَا
تَأْلَمُونَ } قال الحسن: يعني الوجع من الجراح { وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ } في ذلك من
ثوابه { مَا لاَ يَرْجُونَ } أي: ما لا يرجو المشركون. يرغبهم بذلك في الجهاد.
وقال بعضهم: { فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ } أي: ييجعون كما تيجعون.
{ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَا لاَ يَرْجُونَ } من الثواب في الآخرة. { وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً }.
قوله: { إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ } أي في
الوحي { وَلاَ تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيماً }. ذكر عن الحسن أن رجلاً من الأنصار سرق
درعاً فاتُّهِمَ عليها. فلما فشت عليه القالة استودعها رجلاً من اليهود. ثم أتى قومه
فقال: ألم تروا إلى هؤلاء الذين اتَّهموني بالدرع، فوالله ما زلت أسأل عنها حتى
وجدتها عند فلان اليهودي. فأتوا اليهودي فوجدوا عنده الدرع؛ فقال: والله ما
سرقتها، إنما استودعنيها. ثم قال الأنصاري لقومه: انطلقوا إلى النبي عليه السلام
فقولوا له فليخرج فليعذرني فتسقط عني القالة. فأتى قومُه رسولَ الله فقالوا: يا
رسول الله، اخرج فاعذر فلاناً حتى تسقط عنه القالة. فأراد رسول الله أن يفعل،
فأنزل الله: { إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا } يعني الأنصاري.