التفاسير

< >
عرض

وَٱللاَّتِي يَأْتِينَ ٱلْفَٰحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَٱسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي ٱلْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ ٱلْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً
١٥
وَٱللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَآ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً
١٦
إِنَّمَا ٱلتَّوْبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـٰئِكَ يَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً
١٧
وَلَيْسَتِ ٱلتَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ ٱلآنَ وَلاَ ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً
١٨
-النساء

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ } يعني الزنا { فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُوا فأَمْسِكُوهُنَّ فِي البُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ المَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } قيل: هذه الآية نزلت بعد الآية التي بعدها في التأليف.
{ وَالَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا } يعني الفاحشة { مِنكُمْ } من الرجال، { فَآذُوهُمَا } أي: بالألسنة { فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً }. ثم نزلت هذه الآية { فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي البُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ المَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً }. ثم نزل في سورة النور:
{ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ } [النور:2]. وهذا في تفسير الحسن.
وقال غيره: { فَإِن شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي البُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ المَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً وَالَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً } قال: كان هذا بدءَ عقوبة الزنا. كانت المرأة تحبس، ويؤذيان جميعاً بالقول والشتيمة، قال: { حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ المَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً }. فجعل سبيلهن الجلد والرجم: إن كانا محصنين رجماً، وإن كانا غير محصنين جلد كل واحد منهما مائة جلدة.
قال الحسن: إن جاء الشهود الأربعة جميعاً أقيم بشهادتهم الحد، وإن جاءوا مفترقين جلد كل إنسان منهم جلد القاذف ثمانين.
ذكر عكرمة عن ابن عباس قال: لا يقام الحد حتى يشهدوا أنهم رأوه يدخل كما يدخل المرود في المكحلة.
قوله: { إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ } أي إنما التجاوز من الله { لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ } ذكر بعض العلماء قال: كل ذنب أتاه عبد فهو بجهالة. قال: { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ } أي: ما دون الموت؛ يقال: ما لم يغرغر بنفسه. { فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً }.
قال الحسن: نزلت هذه الآية في المؤمنين: ثم ذكر الكفار فقال: { وَلَيْسَتِ التَّوبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ } يعني الشرك بالله { حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ } عند معاينة ملك الموت قبل أن تخرج نفسه من الدنيا { قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ } أي رجعت الآن { وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً }.
قال الحسن: لا يقبل إيمان الكافر عند الموت ولا توبته ولا توبة صاحب الكبائر.
ذكروا عن الحسن أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ألا إن الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، كفارة لما بينهما لمن اجتنب الكبائر
"
. ذكروا عن الحسن قال: إن إبليس لما أهبط إلى الأرض قال: وعزتك لا أفارق ابن آدم ما دام روحه في جسده، فقال الله: وعزتي لا أمنعه التوبة ما لم يغرغر بنفسه.
ذكروا عن ابن عباس أنه قال: كل ذنب أقام عليه العبد حتى يموت فهو كبيرة. قال: وكل ذنب تاب منه العبد قبل أن يموت فليس بكبيرة.