التفاسير

< >
عرض

مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَـٰكِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ
١٠٣
-المائدة

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { مَا جَعَلَ اللهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَائِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ } ذكروا عن أبي الأحوص أنه قال: كان هذا فينا معشر قريش؛ البحيرة التي يقطع أطراف آذانها، والسائبة التي كانوا يسيّبونها لآلهتهم، والوصيلة الشاة تلد سبعة أبطن السابع جدياً وعناقاً فيقولون: قد وصلت، وسمعت بعضهم يقول: قد وصلت أخاها، فيتركونها، والحام: الجمل يَضرِب لصلبه العشرةُ من ولده فيقولون: حمى ظهره، فيُترك فلا يُزمّ ولا يُخطَم ولا يُركب ولا يُرَد عن حوض الماء حتى يموت.
قال بعضهم: كانت البحيرة من الإِبل، كانت الناقة إذا أنتجت خمسة أبطن نظر إلى البطن الخامس فإن كان سقباً أكله الرجال دون النساء، وإن كان ميتة اشترك فيه ذكرهم وأنثاهم. وإن كانت هي أنثى فتُبَتَّك أذنها، وتركت، فلم يُجزّ لها وبر، ولم يُشرب لها لبن، ولم يُركب لها ظهر، ولم يُذكر لله عليها اسم. وكانت السائبة، يسيّبون ما بدا لهم من أموالهم فلا تمنع من مرعى ترعى فيه. ولا من حوض تشرع فيه. وكانت الوصيلة من الشاء؛ كان الرجل إذا أنتج سبعة من غنمه نظر إلى البطن السابع فإن كان ذكراً ذُبح وكان للرجال دون النساء، وإن كان ميتة اشترك فيه الرجال والنساء، وإن كانت أنثى تركت، وإن جاءت بذكر وأنثى جميعاً قيل: قد وصلت أخاها، فمنعته الذبح. وكان الحامي إذا ركب من ولد ولده الفحل عشرة قيل له حام، حمى ظهره فلا يُزم ولا يُخطم ولا يُركب.
وقال الحسن: هو مثل قوله تعالى:
{ قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلاً قُلْ ءَآللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ } [يونس:59].
قوله: { وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ }. قال بعضهم: لا يعقلون تحريم الشيطان الذي حرِّم عليهم.