قوله: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا
عَلَيْهِ ءَابَاءَنَا } وهم مشركو العرب، يعنون ما وجدوا عليه آباءهم من الشرك وعبادة
الأوثان. قال الله: { أَوَلَوْ كَانَ ءَابَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } أي يطيعونهم ولو
كانوا لا يعلمون شيئاً ولا يهتدون.
قوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ } أي: إذا لم يُقبل منكم
{ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ } ليس هذا في ضلال الكفر، ولكن في ضلال عن
الحق في الإِسلام. { إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }.
ذكر عن الحسن أنه قرأ هذه الآية فقال: اللهم لك الحمد عليها وعلى أشباهها.
وعن [الحسن قال: قرئت هذه الآية عند] عبد الله بن مسعود فقال: [ليس هذا
بزمانها] قولوها ما قُبِلت منكم، فإذا ردّت عليكم فعليكم أنفسكم.
ذكر أبو مازن قال: قدمت المدينة في حياة عثمان بن عفان، فرفعت إلى
حلقة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتلا رجل من القوم هذه الآية. فقال رجل من أسنِّ
القوم: دع هذه الآية فإنما تأويلها في آخر الزمان. قال بعضهم: قد جاء تأويلها. [إذا]
أقبل رجل على نفسه ولها من الناس إلا بخير.
ذكر شيخ من أهل دمشق قال: كنا قعوداً بالجابية في مجلس فيه كعب وأبو
الدرداء. فجاءهم رجل فسلّم ثم جلس فقال: رأيت أمراً كرهته لله. إن صاحبه لخليق
أن يعاقَب ويُنكل. فقال رجل من القوم: أقبل على نفسك ودع الناس عنك، إن الله
قال في كتابه العزيز: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا
اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً } فقال كعب: لا تطعه، ذبّ عن محارم الله ذَبَّك عن
عَيْبتك حتى يقع تأويل هذه الآية. فقال أبو الدرداء: متى يقع تأويلها؟ فقال: إذا
رأيت كنيسة دمشق هدمت وبني مكانها مسجد فذاك من تأويلها، وإذا رأيت العصب
فذاك من تأويلها، وإذا رأيت الكاسيات العاريات فذلك من تأويلها.