التفاسير

< >
عرض

يَا أَهْلَ ٱلْكِتَابِ قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَىٰ فَتْرَةٍ مِّنَ ٱلرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَآءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
١٩
وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَآءَ وَجَعَلَكُمْ مُّلُوكاً وَآتَاكُمْ مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِّن ٱلْعَٱلَمِينَ
٢٠
يَٰقَوْمِ ٱدْخُلُوا ٱلأَرْضَ ٱلمُقَدَّسَةَ ٱلَّتِي كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَٰسِرِينَ
٢١
-المائدة

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { يَا أَهْلَ الكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُوا } أي: لئلا تقولوا يوم القيامة { مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيرٌ } يبشر بالجنة { وَنَذِيرٌ } ينذر من النار، يعني محمداً صلى الله عليه وسلم { وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }. والفترة ما بين عيسى ومحمد خمسمائة سنة، وفي تفسير بعضهم: ستمائة سنة أو ما شاء الله من ذلك.
ذكروا عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أنا أولى الناس بعيسى لأنه ليس بيني وبينه نبي" .
قوله: { وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكاً }. قال الكلبي: إذ جعل فيكم أَنْبِئَاءَ: كان منهم في حياة موسى اثنان وسبعون نبياً. وقال في قوله: { وَجَعَلَكُم مُّلُوكاً }: الرجل ملك بيته لا يدخل عليه إلا بإذن.
ذكروا أن مجاهداً قال: جعل لكم أزواجاً وبيوتاً وخدماً. وقال الحسن: وجعلكم ملوكاً، أحراراً، لأنهم كانوا في قوم فرعون بمنزلة أهل الجزية فينا فأخرجهم من ذلك الذل.
قوله: { وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤتِ أَحَداً مِّنَ الْعَالَمِينَ } أي فيما ظلل عليهم من الغمام، وأنزل عليهم من المن والسلوى وأشباه ذلك مما أوتوا. وقال مجاهد: يعني المن والسلوى والحجر والغمام.
قوله: { يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ } التي بورك فيها. قال بعضهم: يعني الشام وقال مجاهد: يعني الطور وما حوله. قوله: { الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ } أي كتب الله لبني إسرائيل، أي أمر بني إسرائيل أن يدخلوها فدخلها أبناؤهم، ولم يدخل إلا رجلان يوشع بن نون وكالوب وأبناؤهم، وهم بنو إسرائيل. { وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ } أي كافرين { فَتَنقَلِبُوا } إلى الآخرة { خَاسِرِينَ } أي قد خسرتم الجنة.
قال الكلبي: كانوا بجبال أريحا من الأردن فجبُن القوم أن يدخلوها، فأرسلوا جواسيس، من كل سبط رجلاً، ليأتوهم بخبر الأرض المقدسة. قال الله جل ثناؤه لإِبراهيم عليه السلام، وإبراهيم إذ ذاك بأرض فلسطين: يا إبراهيم إن هذه الأرض التي أنت فيها ميراث لولدك من بعدك، فدخل الاثنا عشر، فمكثوا فيها أربعين ليلة، ثم خرجوا، فصَدَق اثنان وكَذَب عشرة؛ فقالت العشرة: رأينا أرضاً تأكل أهلها ورأينا فيها حصوناً منيعة، ورأينا رجالاً جبابرة ينبغي لرجل منهم مائة منا، فجَبُنَت بنو إسرائيل وقالوا: والله لا ندخلها.