التفاسير

< >
عرض

قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَـٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ
٣٣
وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ وَلَقدْ جَآءَكَ مِن نَّبَإِ ٱلْمُرْسَلِينَ
٣٤
وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِن ٱسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي ٱلأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي ٱلسَّمَآءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى ٱلْهُدَىٰ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْجَٰهِلِينَ
٣٥
إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَٱلْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ
٣٦
-الأنعام

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ } أي إنك ساحر وإنك شاعر، وإنك كاهن وإنك مجنون { وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ } يعني المشركون { بِآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ } أي يكذّبون.
وقال الكلبي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تظاهرت عليه قريش بالتكذيب شقَّ عليه ذلك وحزن، فأخبره الله أنهم لا يكذبونك وقد عرفوا أنك صادق، { وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ }. وهي مثل قوله:
{ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُفْسِدِينَ } [النمل:14].
قوله: { وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ } أي سينصرك الله ويظهر دينك كما نصر الرسل الذين كُذِّبوا من قبلك { وَلَقَدْ جَاءَكَ مِن نَّبَإِىْ المُرْسَلِينَ } أي من أخبار المرسلين أنهم قد نصروا بعد الأذى وبعد الشدائد. قال [في آية أخرى]: { وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ } قال الله:
{ أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ } [البقرة:214]. فأتاهم الله بنصره.
قوله: { وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ } عنك وتكذيبهم إياك { فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْضِ } أي سرَباً فتدخل فيه { أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ } أي إلى السماء فترقى إليها { فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ } وهذا حين سألوه الآية. قال: { وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الجَاهِلِينَ } كقوله:
{ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لأَمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً } [يونس:99].
قوله: { إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ }. قال الحسن: إنما يستجيب لك الذين يسمعون الحجة فيؤمنون. كقوله:
{ إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ } [يس:11]. قال بعضهم: المؤمن حيّ؛ حيّ القلب، حيّ النظرة، سمع كتاب الله فعقله.
قال: { وَالمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللهُ } قال الحسن: يعني بالموتى المشركين الصمّ، بعثهم الله، يعني كل من منّ الله عليهم بالإِيمان ممن كان على الشرك؛ يبعثهم الله، أي يحييهم من شركهم حتى يؤمنوا { ثُمَّ إلَيْهِ يُرْجَعُونَ } يوم القيامة.
وقال مجاهد: الذين يسمعون هم المؤمنون [يسمعون الذكر] والموتى هم الكفار، حتى يبعثهم الله مع الموتى [أي مع الكفار].