التفاسير

< >
عرض

وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ
٨٤
وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ
٨٥
وَإِسْمَاعِيلَ وَٱلْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى ٱلْعَالَمِينَ
٨٦
وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَٱجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٨٧
ذٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٨٨
أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـٰؤُلاۤءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ
٨٩
أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ ٱقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ
٩٠
وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ ٱلْكِتَٰبَ ٱلَّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَىٰ نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ مَّا لَمْ تَعْلَمُوۤاْ أَنتُمْ وَلاَ ءَابَآؤُكُمْ قُلِ ٱللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ
٩١
-الأنعام

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا } بالنبوّة { وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ } أي من قبل إبراهيم. قوله: { وَمِن ذُرِّيَّتِهِ } أي ومن ذرية نوح هدينا { دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ وَإِسْمَاعِيلَ وَاليَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى العَالَمِينَ } أي: على عالم زمانهم.
{ وَمِنْ ءَابَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ } أي استخلصناهم للنبوّة { وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } أي: إلى الجنة. { ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ }.
{ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ وَالحُكْمَ } يعني الفهم والعقل { وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاَءِ } يعني المشركين { فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا } أي بالنبوّة { قَوْماً لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ } يعني النبيين الذين ذكر.
وقال بعضهم: { فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاَءِ } يعني أهل مكة { فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا } أي بالنبوّة { قَوْماً لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ } يعني أهل المدينة.
{ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ } يعني النبيين الذين قصّ الله { فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ } يا محمد. { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ } أي: على القرآن { أَجْراً إِنْ هُوَ } أي القرآن { إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ }.
قوله: { وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ } أي وما عظّموا الله حقّ عظمته، يعني المشركين { إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ }، يعني المشركين في تفسير بعضهم. وقال الحسن: هم اليهود، كانوا يقولون: هؤلاء قوم أميّون، يعنون النبي وأصحابه، ولَبِسوا عليهم فكانوا يقولون، أي يقول بعضهم لبعض: { ءَامِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ ءَامَنُوا }، أي بمحمد { وَجْهَ النَّهَارِ } أي أول النهار
{ وَاكْفُرُوا ءَاخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [آل عمران:72]، أي إلى دين اليهود، وقد فسّرناه في سورة آل عمران. ثم قالوا: { مَا أَنزَلَ اللهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ } فقد كانت الأنبياء تجيء من عند الله فلم تكن تجيء بالكتاب، فأين جاء محمد بهذا الكتاب؟ قال الله لمحمد عليه السلام.
{ قُلْ } لهم { مَنْ أَنزَلَ الكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ } أي: لمن اهتدى به { تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ } مقرأ الحسن على التاء. { تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً } والقراطيس الكتب التي كتبوا بأيديهم بما حرّفوا من التوراة. { وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُوا أَنتُمْ وَلاَ ءَابَاؤُكُمْ } يقول: علّمتم علماً فلم يصر لكم علماً بتضييعكم إياه ولا لآبائكم. { قُلِ اللهُ } الذي أنزل الكتاب { ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ } وهذا قبل أن يؤمر بقتال أهل الكتاب.
وقال مجاهد: { وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ } يعني مشركي العرب. { قُلْ مَنْ أَنزَلَ الكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً } وهو مقرأ مجاهد على الياء، يعني أهل الكتاب { وَعُلِّمْتُم } أنتم معاشر العرب { مَّا لَمْ تَعْلَمُوا أَنتُمْ وَلاَ ءَابَاؤُكُمْ قُلِ اللهُ } أنزله. { ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ }.