التفاسير

< >
عرض

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنَزلَ ٱللَّهُ وَلَوْ تَرَىۤ إِذِ ٱلظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ ٱلْمَوْتِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ بَاسِطُوۤاْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوۤاْ أَنْفُسَكُمُ ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ
٩٣
وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقْنَٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَٰكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَآءُ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ
٩٤
-الأنعام

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً } وهذا على الاستفهام، يقول: لا أحد أظلم منه { أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللهُ }.
قال بعضهم: نزلت في مسيلمة الكذاب، وهو قول الحسن.
ذكر بعضهم قال: ذكر لنا أن نبي الله قال:
"رأيت فيما يرى النائم أن في يدي سوارين من ذهب فكبُرا علي وأهمَّاني. فأوحى الله إلي أن أنفخهما فنفختهما، فطارا فأولتهما في منامي الكذابين اللذين أنا بينهما: كذاب اليمامة مسيلمة، وكذاب صنعاء العنسي"
. وكان يسمّى الأسود.
وذكر الحسن أن مسيلمة كان قاعداً عند النبي، فلما قام قال النبي عليه السلام هذا سقب هلكة لقومه.
قوله: { وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالمَلاَئِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الهُونِ }.
ذكر بعض أصحاب النبي قال: هذا عند الموت، يقبضون روحه ويعدونه بالنار ويشدد عليه، وإن رأيتم أنه يهون عليه. ويقبضون روح المؤمن ويعدونه بالجنة، ويهون عليه، وإن رأيتم أنه يشدد عليه.
وقال الحسن: هذا في النار، يقال لهم: أخرجوا أنفسكم إن استطعتم لأنهم يتمنون الموت ولا يموتون. كقوله:
{ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ } [إبراهيم:17] قوله عذاب الهون أي: الهوان.
قوله: { بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الحَقِّ } كقوله:
{ وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللهُ مَن يَمُوتُ } [النحل:38]. قال: { وَكُنتُمْ عَنْ ءَايَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ } أي في الدنيا.
قوله: { وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } أي خلقنا كل إنسان فرداً ويأتينا يوم القيامة فرداً { وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ } أي ما أعطيناكم من مال وخول { وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ } أي في الدنيا.
قوله: { وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ } يعني بالشفعاء ما قال المشركون في آلهتهم:
{ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى } [الزمر:3] أي في أمر الدنيا، في صلاحهم فيها ومعايشهم، وليس يقرّون بالآخرة. { الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ } أي أنهم شركاء لله فيكم فعبدتموهم من دون الله.
قال: { لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ } قال مجاهد: وصلكُم. وقال الحسن: الذي كان يواصل به بعضكم بعضاً على عبادة الأوثان، يعني الوصلَ نفسه. وهذا تفسير من قرأها بالرفع. ومن قرأها بالنصب { لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ } أي ما بينكم من المواصلة { وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } أي أنها تشفع لكم، كقوله:
{ هَؤُلاَءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللهِ } [يونس:18].