التفاسير

< >
عرض

فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلْجَرَادَ وَٱلْقُمَّلَ وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ
١٣٣
وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ ٱلرِّجْزُ قَالُواْ يٰمُوسَىٰ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا ٱلرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ
١٣٤
-الأعراف

تفسير كتاب الله العزيز

قال الله: { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالجَرَادَ وَالقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ ءَايَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً مُّجْرِمِينَ }.
قال بعضهم: فمطروا الليل والنهار ثمانية أيام ولياليهن لا يرون فيها شمساً ولا قمراً، فصرح الناس إلى فرعون، وخافوا الغرق. فأرسل فرعون إلى موسى فأتاه فقال له: يا موسى اكشف عنا فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل. فدعا موسى ربه فأقلعت السماء ونَشِفَت الأرض ماءها، وأنبتت من الكلأ والزرع ما لم يروا مثله قط في مصر. فقالوا: لا والله، لا نؤمن لك ولا نرسل معك بني إسرائيل. ولقد جزعنا من أمر كان خيراً لنا فنكثوا وعصوا. فأرسل الله عليهم الجراد فأكل ما أنبتت الأرض وبقي الجراد عليهم ثمانية أيام ولياليها لا يرون الأرض. وركب الجراد بعضه بعضاً ذراعاً. وفي تفسير مجاهد، إن الجراد أكل مسامير أبوابهم وبنيانهم. قال الله: { وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى }... الآية.
قال الكلبي: فصرخ أهل مصر إلى فرعون فأرسل إلى موسى فقال: أيها الساحر، { ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ } فدعا موسى ربه فأرسل الله ريحاً شديدة فاحتملت الجراد فألقته في البحر، فلم تبقِ منه جرادة واحدة. فنظر أهل مصر فإذا قد بقيت لهم بقية من زروعهم وكلإهم ما يكفيهم عامَهم ذلك. فقالوا له: والله لقد بقي لنا ما يكفينا هذه السنة، فلا والله لا نؤمن لك ولا نرسل معك بني إِسرائيل. فأرسل الله عليهم القمَّل، وهو الدبى فلم يُبْقِ في أرضهم عوداً أخضر إلا أكله. فصرخوا إلى فرعون. فأرسل إلى موسى فأتاه، فقال: يا موسى اكشف عنا هذا الدبى فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل. فدعا موسى ربه فأمات الدبى حتى لم تبقَ منه واحدة. فلما نظر القوم أنه لم يبقَ لهم شيء يعيشون به قالوا: يا موسى، هل تستطيع أن تفعل بنا أسوأ مما فعلت، فوالله لا نؤمن لك، ولا نرسل معك بني إسرائيل. فأرسل الله عليهم الضفادع، فدبت في أرضهم وبيوتهم ومخادعهم وظهور بيوتهم، حتى جعل الرجل منهم يستيقظ وعليه منهم ما لا يحصى. فصرخوا إلى فرعون. فأرسل إلى موسى فأتاه فقال: ادع لنا ربك فليهلك هذه الصفادع من أرضنا ونؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل. فدعا موسى ربه فأذهب الضفادع من أرضهم، فأماتها. ثم أرسل مطراً فاحتملها فألقاها في البحر. فقالوا: لا والله لا نؤمن لك ولا نرسل معك بني إسرائيل. فأرسل عليهم الدم فجرت أنهارهم دماً، ودكا ماؤهم، فلم يكونوا يقدرون على الماء، وأنهار بني إسرائيل تجري ماء عذباً طيباً. فإذا دخل الرجل من آل فرعون في أنهار بني إسرائيل صار ما دخل فيه دماً، والماء من بين يديه ومن خلفه صافٍ عذب لا يقدر منه على شيء. فمكثوا ثمانية أيام ولياليهن، لا يذوقون الماء حتى بلغهم الجهد. فصرخ أهل مصر إلى فرعون: إنا قد هلكنا وهلكت دوابنا ومواشينا من الظمإ، فأرسل فرعون إلى موسى فدعاه. فأتاه فقال: يا موسى ادع لنا ربك يكشف عنا هذا الرجز ونعطيك ميثاقنا لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل.