التفاسير

< >
عرض

إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يُغْشِي ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ
٥٤
ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ
٥٥
وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَٱدْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ ٱلْمُحْسِنِينَ
٥٦
وَهُوَ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّىٰ إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ ٱلْمَآءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ كَذٰلِكَ نُخْرِجُ ٱلْموْتَىٰ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
٥٧
-الأعراف

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } وفيها إضمار، وإضمارها: الذي خلق السماوات والأَرض وما بينهما. وهذا موضع الإضمار. كقوله: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } [سورة ق:38].
قوله: { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي الَّيْلَ النَّهَارَ } [أَي أن الليل يأتي على النهار] ويغطيه ويُذهبه { يَطْلُبُهُ حَثِيثاً } فيذهبه { وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ } من البركة، وهو تفاعل { رَبُّ العَالَمِينَ }.
قوله: { ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً } أي من الضراعة والخضوع { وَخُفْيَةً } أي: وسرّا { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُعْتَدِينَ }.
{ وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا } قال بعضهم، يعني بعدما بعث النبي عليه السلام واستجيب له { وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً } أي خوفاً منه وطمعاً في رحمته. { إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ المُحْسِنِينَ } أي إنها للمحسنين دون سواهم.
قوله: { وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } قال بعضهم: أي يبسطها بين يدي المطر. وتفسير الحسن في قوله نشرا، أي: تلفح السحاب.
قال: { حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً } قال بعضهم: الثقال، التي فيها الماء { سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ } أي: إلى بلد ليس به نبات { فَأَنزَلْنَا بِهِ المَاءَ } أي: بذلك البلد. قال الحسن: إن الله ينزل الماء من السماء فيسكنه السحاب ثم يصرفه حيث يشاء. { فَأَخْرَجْنَا بِهِ } أي أنبتنا بالماء { مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ }.
قال: { كَذَلِكَ } أي هكذا { نُخْرِجُ المَوْتَى } يعني البعث.
ذكروا عن عبد الله بن مسعود أنه قال: يرسل الله مطراً منياً كمنى الرجال، فتنبت به لحمانهم وجسمانهم كما تنبت الأرض الثرى. ثم تلا هذه الآية:
{ وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ } [فاطر:9] أي كذلك البعث. وقال مجاهد: { كَذَلِكَ النُّشُورُ }، أي: بمطر السماء حتى تنشق عنهم الأرض.
قوله: { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } قال الحسن: يقوله للمشركين. يقول: فالذي أنزل الماء فأخرج به هذا النبات من هذه الأرض الميتة قادر على أن يحيي الموتى.