التفاسير

< >
عرض

بَرَآءَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ
١
فَسِيحُواْ فِي ٱلأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱللَّهَ مُخْزِي ٱلْكَافِرِينَ
٢
-التوبة

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { بَرَاءَةٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ المُشْرِكِينَ } يعني بالبراءة براءة من العهد الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين مشركي العرب. يقول للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه: { بَرَاءَةٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ المُشْرِكِينَ }، ثم أقبل على أهل العهد من المشركين فقال:
{ فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ } وكان ذلك بقية عهدهم من يوم النحر إلى عشر ليالٍ يمضين من ربيع الآخر، وهو العام الذي حجّ فيه أبو بكر الصديق ونادى فيه عليّ بالآذان.
وفي تفسير الحسن
"أن النبي عليه السلام أمر أبا بكر أن يؤذن الناسَ بالبراءة. فلما مضى دعاه فقال: إنه لا يبلغ عني في هذا الأمر إلا من هو من أهل بيتي. وقال بعضهم: إلا من هو مني. فأمر بذلك علي بن أبي طالب، رضي الله عنه" .
ذكر الأعمش عن بعض أشياخه أن النبي بعث ببراءة مع أبي بكر، ثم أتبعه علياً. فأمره أن ينادي بها. ورجع أبو بكر إلى النبي يبكي، فقال: يا رسول الله، هل أنزل في شيء؟ قال: "لا. فذكر ما لا أحفظه وحج أبو بكر بالناس ذلك العام" .
ذكروا أن مجاهداً قال: { إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ المُشْرِكِينَ }، يعني خزاعة ومدلج ومن كان له عهد غيرهم.
أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك حين فرغ منها، فأراد أن يحج. ثم إِنه قال:
"إنه يحضر البيت مشركون يطوفون عراة، ولا أحب أن أحج حتى لا يكون ذلك" . فأرسل أبا بكر وعلياً فطافا بالناس بذي المجاز وبأمكنتهم التي كانوا يتبايعون فيها، وبالموسم كله، فآذنوا أصحاب العهد بأن يأمنوا أربعة أشهر، وهي الأربعة الأشهر المنسلخات المتواليات: عشرون من آخر ذي الحجة إلى عشر يخلون من شهر ربيع الأخر، ثم لا عهد لهم.
ذكروا أن أبا بكر أُمِّر يومئذٍ على الحاج، ونادى فيه علي بالأذان. وكان عام حجّ فيه المسلمون والمشركون، فلم يحج المشركون بعده.
قوله: { وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ } أي إنكم لستم بالذين تعجزون الله وتسبقونه في الأرض حتى لا يقدر عليكم. { وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الكَافِرِينَ }.