التفاسير

< >
عرض

لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ ٱلْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ
٤٧
لَقَدِ ٱبْتَغَوُاْ ٱلْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ ٱلأُمُورَ حَتَّىٰ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ ٱللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ
٤٨
وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلا فِي ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ
٤٩
-التوبة

تفسير كتاب الله العزيز

ثم قال للمؤمنين { لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً وَلأَوْضَعُوا خِلاَلَكُمْ } أي: مشوا بينكم بالنميمة والكذب. { يَبْغُونَكُمُ الفِتْنَةَ } أي: يبغون [أَنْ تَكُونُوا مُشْرِكِين و] أن يظهر عليكم المشركون، وظهور الشرك فتنة. { وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ } أي للمشركين، يعني المنافقين؛ إنهم عيون للمشركين عليكم، يسمعون أخباركم فيرسلون بها إلى المشركين، في تفسير الحسن. { وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ } أي من المشركين والمنافقين جميعاً، وهو ظلم فوق ظلم وظلم دون ظلم.
قوله: { لَقَدِ ابْتَغَوُا الفِتْنَةَ } أي الشرك { مِن قَبْلُ } أي من قبل أن تهاجروا { وَقَلَّبُوا لَكَ الأُمُورَ } وهو قوله عزّ وجلّ
{ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ } [الأنفال:30] وقوله: { أَمْ أَبْرَمُواْ أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ } [الزخرف:79]، وهو اجتماع المشركين في دار الندوة يتشاورون في أمر النبي. وقد فسَّرنا ذلك في سورة الأنفال.
وقال الحسن: { لَقَدِ ابْتَغَوُا الفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الأُمُورَ }: أي القتل قبل أن تقدم المدينة، يعني المنافقين.
قال: { حَتَّى جَاءَ الحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ } أي دين الله { وَهُمْ كَارِهُونَ } أي لظهوره.
{ وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي } يا محمد أُقِم في أهلي { وَلاَ تَفْتِنِّي } أي بالنساء فافتتن بهن. وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"اغزوا تبوك تغنموا من بنات الأصفر" ، أي بنات الروم، فقال المنافقون: إيذن لنا ولا تفتنا بالنساء فنفتتن. قال بعضهم: هو عبد الله بن أبي السلولي.
قال الله: { أَلاَ فِي الفِتْنَةِ سَقَطُوا } أي في الهلكة، وهو الكفر، سقطوا، أي وقعوا. { وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ } جميعاً، من كافر مشرك، أو كافر منافق. كقوله:
{ إِنَّ اللهَ جَامِعُ المُنَافِقِينَ وَالكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً } [النساء:140]. وكقوله: { وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً } [الإِسراء:8] أي: سجنا. وكقوله: { إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا } [الكهف:29] أي: سورها.