التفاسير

< >
عرض

وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِٱللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ
٦٥
لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنْكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ
٦٦
-التوبة

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَءَايَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ }.
قال الكلبي: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رجع من تبوك، بينما هو يسير إذا برهط أربعة يسيرون بين يديه وهم يضحكون. فنزل جبريل على النبي عليه السلام فأخبره أنهم يستهزءون بالله تعالى ورسوله وكتابه. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمار بن ياسر فقال:
"أدركهم قبل أن يحترقوا واسألهم مما يضحكون، فإنهم سيقولون مما يخوض فيه الركب إذا ساروا" . فلحقهم. فقال لهم: مم تضحكون وما تقولون؟ فقالوا: مما يخوض فيه الركب إذا ساروا فقال عمار: صدق الله وبلغ الرسول، احترقتم لعنكم الله. وكان يسايرهم رجل لم ينههم ولم يُمَالِئْهُم. فأقبل ذلك الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، والذي أنزل عليك الكتاب ما مالأتهم ولا نهيتهم. وجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعتذرون فأنزل الله:
{ لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } فأخبر أن لهم إيماناً كفروا بعده، وأن المشركين لم يتطاعموا إيماناً قد فيكفروا بعد إيمانهم.
{ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ } أي جرم نفاق، لأنه جرم دون جرم، وجرم فوق جرم، فيرجى أن يكون العفو من الله لمن لم يمالئهم ولم ينههم.
وقال بعضهم: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، وبين يديه ناس من المنافقين، فقالوا: أيرجو هذا الرجل أن يفتح قصور الشام وحصونها؟ هيهات، هيهات له من ذلك. فأطلع الله نبيه على ذلك فقال:
"احبسوا علي هذا الركب [فأتاهم] فقال: قلتم كذا وكذا. قالوا: يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونلعب" .
قوله: { قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ }، أي: قد نافقتم بعد إقراركم وتوحيدكم، يعني أهل هذه الكلام الذي تكلّموا به، وهو كفر نفاق، وهو كفر المحدثين من أهل الإِقرار بالله والنبي والكتاب.