التفاسير

< >
عرض

قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ ٱلَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنْ أَعْبُدُ ٱللَّهَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٠٤
-يونس

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قُلْ يا أيُّها النَّاسُ } أهل مكة { إنْ كُنتُم فى شكٍّ مِنْ دِينى } أنه حق، ومن صحة دينى وهو دين إبراهيم الذى تعرفونه، وأنتم من ذريته، وهو دينى مقبول معروف غير منكر فى العقول، ليس قابلا للشك، والجواب محذوف أى عوقبتم على ذلك، أو فلكم دينكم ولى دينى، وأناب عن ذلك قوله:
{ فَلا أعْبُد الَّذينَ تعْبدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ } وهم الأصنام التى عبادتها منكرة فى العقل، ينبغى لكم الشك فيها، إذ لا تضر ولا تنفع، بل أدوم على الدين المعروف دين إبراهيم، الذى لو نظرتم فيه بالإنصاف لوجدتموه الحق دون غيره، فاقطعوا عنى، أطماعكم كما قال فى الدوام على هذا الدين.
{ ولكِنْ أعْبُد اللهَ الَّذى يتوفَاكُم } وصفه بالتوفى الذى هو أشد شئ على النفس تهديدا لهم، وزجراً وإيذانا بأنه الحقيق أن يخاف ويعرف ويعبد، أو مطابقة لاستعجالهم العذاب، أو لانتظارهم، أى ولكن أعبد الله الذى هو قادر على إهلاككم، ونصرى عليكم، أو إشارة إلى ما يترتب على التوفى من جزائهم بأعمالهم وأقوالهم واعتقادهم، أو لأن القادر على التوفى وهو إزالة الروح قادر على الإحياء وإجراء الروح، أولا وبعد الموت، فهو مغن عن ذكر الإحياء الأول والثانى، وخص بالذكر لما مرَّ، وعلى كل حال ففى ذلك تعريض بأن الذين تعبدون من دون الله لا يقدرون على شئ من ذلك.
{ وأمرْتُ أنْ أكُونَ } أى بأن أكون، وحذف الجار قبل أن مطرد عند أمن اللبس، وعند قصد الإجمال، ويجوز أن يكون ذلك مما ورد فيه أمر ناصبا بلا ذكر ياء كقوله: أمرتك الخير، وهو غير مطرد، كذا قالوا، وأقول الذى عندى أنه غير مطرد إذ أتى باسم صريح، وأما إذ أتى بأن أو إن فمطرد مطلقا.
{ مِنَ المؤمِنينَ } بالدين المدلول عليه بالعقل والوحى، وذلك ذكر للإيمان القلبى بعد ذكر العبادة البدنية.