التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٢
-يونس

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وإذ مسَّ الإنسانَ } الكافر، أو الإنسان مطلقا فإن الإنسان مطلقا لا تكون حاله بعد زوال ما مسه من ضر، مثل حاله قبل الزوال فى التضرع والابتهال، إلا من شاء الله، فقد يديم الدعاء، ولو قبل المس أو بعده، ويرضى بالقضاء، وقد يكون البلاء عنده أحب.
{ الضُّرُّ } كمرض وجوع وشدة، وهو عام، وقيل: مختص بالبدن كالهزال والمرض والجرح، والعام الضرر.
من كتب: { وإذا مس } إلى: { لو كانوا يعلمون } فى فخارة طرية نظيفة، وملأها زيت طيب، ومحاها به وغلاه على النار اللينة، ودهن به ما أوجعه من جنب أو ساق أو قدم، برئ إن شاء الله تعالى.
{ دَعانا لجنْبهِ } متعلق بحال محذوفة جوازاً أى مضجعاً على جنبه، فاللام بمعنى على، أو الأصل ملقى لجنبه وإلقاؤه جنبه اضطجاعه { أو قاعِداً } عطف على تلك الحال المحذوفة { أو قائماً } وصاحب الحال الضمير المستتر فى دعاه، والمراد بتلك الأحوال تعميم الدعاء بأى حال كان لا يفتر حتى يزول الضر، أو أراد أنه يدعونا حال كونه مضطجعا عند مس الضر، أو قاعدا، أو قائما، وأجاز الزجاج أن يكون صاحب الحال الإنسان، فالمعنى أنه إذا مس الإنسان الضر حال اضطجاعه أو قعوده أو قيامه وهو ضعيف لمجيئه بعد الجواب، وأجاز جار الله أن يكون ذلك بيانا لأحوال المضرورين، أى منهم من هو أشد وهو صاحب الفراش، ومن هو أخف وهو القادر على القعود، ومن يستطيع القيام، وكل لا يستغنون عن الدعاء، وصاحب الحال على هذا ضمير دعا.
{ فلمَّا كشفنا عنْه ضُرَّه مَرَّ } مضى على حاله قبل مس الضر من الكفر، أو من عدم التضرع والابتهال، ونسى حال الشدة، أو مر عن موقف الدعاء لا يرجع عنهم، كأنه لا عهد له به { كأنْ لَم يدْعُنا } هى كان المشددة، خففت وحذف اسمها ضمير الشأن، أو ضمير الإنسان، والأول أكثر وأشهر { إلى ضُرٍّ مَسَّه } أى إلى كشف ضر ماس له.
{ كَذلكَ زُيِّن } المزين الشيطان لعنه الله بوسوسته، أو الله تعالى بخذلانه { للمسْرِفينَ } أى مثل ذلك التزيين للإنسان زين للمسرفين، أى المشركين أو الكافرين مطلقا، والإسراف الانهماك فى الشهوات، والإعراض عن العبادات، وإنفاق المال حيث لا يحل كإنفاقه فى الزنى، والمزمار، والبحائر، والسوائب، والأصنام وخدمتها، بل الإسراف كتضييع النفس بفعل ما يهلكها، أو أراد الإنسان وعبر عنه بالظاهر ذماً بالإسراف وجمع لأنه الجنس.
{ ما كانُوا يَعْملونَ } وهو ما ذكرنا أنه هو الإسراف، كما تقول: أهلك الفاسق زناه، وتريد بفسقه الزنى.