التفاسير

< >
عرض

وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ ٱلْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
٦٥
-يونس

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ ولا يحزُنك } وقرأ غير نافع يفتح الياء، يقال: أحزنه وحزنه بالتخفيف بمعنى واحد { قَوْلهم } محكية محذوفة، أى أنك مجنون، أو شاعر، أو ساحر، أو كاذب، ولست مرسلا، وإن الأوثان آلهة ونحو ذلك، أو القول بمعنى المقول، وهو أيضا ما ذكر أو تهديدهم وتشاورهم، أو الحديث فى تدبير هلاكك، وإبطال أمرك، وينبغى الوقف عليه بأن قوله:
{ إنَّ العزَّةَ لله جَميعاً } ليس محكيا به، بل مستأنفا للتعليل، فهو استئناف بيأتى كأنه قيل: مالى لا أحزن؟ فأجيب بذلك، وعلى طريقة كلام العرب والعادة، وإلا فرسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقول بعد النهى عن الحزن: مالى لا أحزن، ويدل لذلك قراءة أبى حيوة بفتح الهمزة على تقدير لام التعليل، أى لأن العزة وهى الغلبة لله كلها، لا يملك غيره شيئا منها، فهو ينصرك ويعزك.
وقول ابن قتيبة: لا يجوز فتح إن فى هذا الموضع، وإن فتحها كفر غلو باطل عندى، بل فتحها عندى أولى، لأنه لا يوهم الحكاية بخلاف الكسر، ولعله أراد الفتح على اعتقاد البدلية من القول، وإن ثبوت العزة لله لا يحزنه، وجميعا حال من الضمير المستتر فى قوله: { لله }.
{ هو السَّميعُ } لأقوالهم { العَليمُ } بما فى قلوبهم وأفعالهم فيجازيهم على ذلك، فلا تكترث بقولهم، فذلك تتميم للنهى عن الحزن، وقيل: يفتخر المشركون بكثرة الأموال والأولاد والعبيد، فنزل: { إن العزَّة لله جميعا } فالعزة به لا بكثرة ذلك، وهو قادر على سلب ذلك، وعلى الإذلال، وسامع لافتخارهم، وعالم بما يصلح.