التفاسير

< >
عرض

يٰصَاحِبَيِ ٱلسِّجْنِ ءَأَرْبَابٌ مُّتَّفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ ٱللَّهُ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ
٣٩
-يوسف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ يا صَاحِبى السِّجنِ } أضافهما للسجن لملابستهما له، وكأنه قال: يا ساكنى السجن، كما يقال: أصحاب الجنة، وأصحاب النار، أو الإضافة بمعنى فى كأنه قيل: يا مصاحبين لى فى السجن{ أأرْبابٌ } آلهة { مُتفرِّقونَ } أى متعددون، فإن المتعدد متفرق كل منه على حدة كذا ظهر لى، أو معنى تفرقها تخالفها، هذا من شجر، وهذا من حجر، وهذا من فضة، وذلك من ذهب، وذلك من نحاس وغير ذلك، وواحد طويل، وآخر قصير، وآخر متوسط، ولا تضر ولا تنفع تلك التسمية والعبادة بالذات ولا بغيرها، وجمع السلامة للمذكر تغليب للعقلاء المربوبين، أو تنزيل لغير العقلاء منزلتهم، لأنه كذلك عند عائديها وهذا على ان المراد غير العقلاء { خيرٌ أمِ اللّهُ الوَاحِدُ } لم يزل وحده، أو المعدم للشريك والقرين، أو المنفرد فعلا وقولا وصفة وذاتا، واستحقاقا للعبادة بالحقيقة ولو لم تفطنا لها { القهَّارُ } أى الذى لا يقاومه غيره، فضلا عن أن يغبه، وقد قهر الجبابرة من خلقه بالعقوبة فلم يردوها إذا جاءتهم، وقهر الخلق كلهم بالموت، وانقادت له الأجسام والأعراض، وتلك الأرباب معبودة من دون الله، مقهورة، والاستفهام للتقرير أو لإنكار أن تكون الأرباب خيرا، وذلك جلب لهم إلى التوحيد بألطف وجه، إذا حاجهما بدرجة يسيرة متى سلماها لزمت عنها درجة فوقها حتى يتوصل بهما إلى الحق، ولو حاجهما بما هو الحاصل دفعة لزاد نفورا.