التفاسير

< >
عرض

وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذٰلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ
١٤
-إبراهيم

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ ولَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ } أرضهم وديارهم { مِن بَعْدِهمْ } بعد هلاكهم فلا تخافوا من عاقبة الهلاك وصيرورة ملكه إِليكم ولا تهتموا به قال: صلى الله عليه وسلم ـ "من آذى جاره أورثه الله داره" . وقرأَ أَبو حيوة ليهلكن وليسكننكم بالمثناة التحتية فيهما نظر إِلى لفظ أوحى وعليه فذلك التفات سكاكى، { ذَلِكَ } المذكور من إِهلاك الظالمين وإِسكان الرسل أرضهم فأفرد بتأْويل المذكور كما رأيت ويجوز أن يكون الإِفراد للتأْويل بالوحى أى ذلك الموحى من الإِهلاك والإِمكان، { لِمَنْ خَافَ مَقَامِى } اسم مكان أى الموقف الذى هو ملك لله يقيم فيه العباد للحساب يوم القيامة فإِنما أُضيف إِليه تعالى لأَنه ملكه كما تقول دارى دار الله وكما تقول بيت الله ولست تريد أنه يسكنهما تعالى عن ذلك وقيل المقام زائد فهو من زيادة المضاف كقوله ثم اسم السلام عليكم والأصل لمن خافنى بنصب محل الياء على المفعولية ولما أُضيف إِليها مقام كان المحل جرا، ويجوز أن يكون مقامى مصدراً ميمياً أى خاف قيامى أى قيامه بين يدى للحساب فأضاف القيام لنفسه لأَنه يكون من العبد بين يديه تعالى، وقال مجاهد خاف قيامى عليه بحفظى لأَعماله كقوله تعالى أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت.
{ وَخَافَ وَعِيدِ } أى إِخبارى بالعذاب على الكفر أو موعودى بالكفار وهو العذاب وهو مصدر بمعنى الإِخبار بالشر وفعيل بمعنى مفعول وهو نفس الشر الموعود وإِثبات الياء بعد الدال فى الوصل قراءة ورش وحذفها فى الوقف وحذفها غيره وصلاً ووقفاً، وتضمن الذكر بخوف المقام والوعيد المستلزم للاستعداد أن لهم الجنة فى الآخرة وقد ذهبوا بخير الدنيا من إِهلاك الأَعداء وإِرث أموالهم وخير الآخرة. قال الربيع ابن خيثم: من خاف الوعيد قرب عليه البعيد ومن طال أمله ساء عمله.