التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ
٢٨
جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ
٢٩
-إبراهيم

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ أَلَمْ تَرَ } يا محمد وكل من يصلح للرواية، { إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللهِ كُفْراً } أى بدلوا نعمة الله فحذف المضاف أى سيروا شكرها كفرا أى جعلوا الكفر فى موضع الشكر فكفرا مفعول ثان لبدل لتضمنه معنى الجعل أو على تقدير حرف الجر بكفر وهم فى نعمة الله بلا شكر حتى هلكوا ويجوز أن لا يقدر مضاف والمعنى بدلوا نفس النعمة كفراً أى كفروها فسلبت عنهم فاختيارهم للكفر السالب لها تبديل لها به وهم أهل مكة خلقهم الله وأسكنهم حرمه وجعلهم قوام بيته ووسع عليهم أبواب رزقه وشرفهم بمحمد ـ صلى الله عليه وسلم وبالقرآن فكفروا ذلك فقحطوا سبع سنين وأسروا وقتلوا يوم بدر وصاروا أذلاء مسلوبى النعمة موصوفين بالكفر، وذلك قول ابن عباس وفى رواية عنه هم كفار قريش ونعمة الله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعن عمر وعلى هم الأَفجران من قريش بنو المغيرة وبنو أُمية فأَما بنو المغيرة فكفيتموه يوم بدر وأما بنو أُمية فمتعوا حتى حين، وروى الحسن وبعض الكوفيين أن علياً كان يخطب على منبر الكوفة فقام إِليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين من هؤلاء القوم الذين قال الله سبحانه فيهم { ألم تر إِلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً } قال: هم الأَفجران الأَخبثان كفيناهما يوم بدر بنو أُمية وبنو المغيرة. ا. هـ، وقيل هم من تنصر من العرب جبلة بن الأَيهم وأصحابه، { وَأَحَلُّوا } أنزلوا { قَوْمَهُمْ } الذين اتبعوهم فى الكفر { دَارَ البَوَارِ } أى الهلاك بحملهم على الكفر دار مفعول ثان لأحل أو ظرف مكان وهو مبهم من حيث أن المراد بدار البوار مقام الهلاك وليس بمحدود لأَن مقامات الكفرة فى جهنم لا تحد فاعتبر ذلك، ولو كانت جهنم فى نفسها محدودة فلا يكون عطف قوله { جَهَنَّمَ } بعطف بيان على دار البوار تعيننا لكونها محدودة مع أن جهنم لا يلزم كونها عطف بيان بل يجوز أيضاً كونه منصوباً على الاشتغال بمحذوف يفسره قوله { يَصْلَوْنَهَا } أى يدخلونها ويقاسون حرها وعلى عطف البيان تكون هذه الجملة حالا من جهنم أو من القوم وعلى وجه الاشتغال يصح أن يراد بدار البوار جهنم كما فى وجه العطف ويجوز أن يراد مطلق مقام الهلاك بلا حد فيشتمل قتل بدر وجهنم وكل سوء وأن يراد مطلق السوء فى الدين من سائر الكفر والمعاصى { وَبِئْسَ الْقَرَارُ } بئس موضع الاستقرار جهنم. قال عطاء بن يسار: نزلت الآية فى قتلى بدر وأن دار البوار مصارعهم وعليه فالدار محدودة وكذا إِذا جعلناها جهنم ولم نعتبر مواضع تقلبهم فيها غير المحدودة وحينئذ تمنع الظرفية.