التفاسير

< >
عرض

وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً
١٠٩
-الإسراء

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ } إِنما أعاد ذكر الخرور للأذقان بإخلاف الحالين وهما: خرورهم فى حال كونهم ساجدين عند إِيجاز الوعد ... وخرورهم فى حال كونه باكين لاختلاف السببين فإِن السجود الأَول شكر لإِنجاز الوعد، والثانى لما أثر فيهم من مواعظ القرآن ولزيادة الثانى بوصف وهو البكاء. { وَيَزِيدُهُمْ } أى يزيدهم القرآن أى سماعه أو التفكر فيه. { خُشُوعاً } تواضعاً لله عز وجل كما يزيدهم علماً ويقيناً لله سبحانه وتعالى، وحكى الطبرى عن التميمى أنه قال: أن من أُوتى من العلم ما يبكيه لخليق أن يكون أوتى علماً ينفعه لأَن الله سبحانه نعت العلماء به، ثم تلا الآية كلها أو نقل الغزالى عن ابن عباس - رضى الله عنه: أنه قال إِذا قرأتم سجدة سبحان فلا تعجلوا السجود حتى تبكوا فإِن لم تبك عين أحدكم فليبك قلبه. قال الغزالى فإِن لم يحضره حزن وبكاء كما يحضر أرباب القلوب الصافية فليبك على فقد الحزن والبكاء فإِن ذلك من أعظم المصائب، والبكاء مستحب عند قراءة القرآن. قال أبو هريرة. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يلج النار أى لا يدخلها رجل يبكى من خشية الله حتى يعود اللبن فى الضرع ولا اجتمع على عبد غبار فى سبيل الله ودخان جهنم" ، أخرجه الترمذى وفى رواية النسائى ولا اجتمع فى منخرى عبد... الخ.. أى أنفه، وروى مسلم كالترمذى لكن زاد لفظ أبداً، وعن ابن عباس رضى الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سماعاً منه: "عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس فى سبيل الله" . أخرجه الترمذى، وفسر بعضهم الخشوع بلين ورطوبة عين، وبعض بالخوف الثابت فى القلب. وذكر الغزالى: أن الخشوع ثمرة الإِيمان ونتيجة اليقين الحاصل من عظمة الله وأن من رزق ذلك يكون خاشعاً فى الصلاة وغيرها، فإِن موجب الخشوع استشعار عظمة الله سبحانه وتعالى معرفة إطلاعه على العبد ومعرفة تصير العبد.