التفاسير

< >
عرض

فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ ٱلدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً
٥
-الإسراء

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاَهُمَا } أى وعد عقاب أُولى المرتين أى الأُولى منهما والوعيد بمعنى العقاب نفسه فإِن الوعد يستعمل بمعنى الإِخبار بالخير أو الشر بمعنى نفسه الخير أو الشر وأصله الأَول واعلم أن أُولى مؤنث اسم تفضيل بوزن فعلا بأَلف التأنيث وضم الفاء وإِسكان العين فالواو مدة للهمزة فالهمزة تمد بها، والمرة الأُولى هى ما ذكرناه آنفا { بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً } وقرئ عبيدا وأكثر ما يقال عباد الله وعبيد الناس { لَّنَا } نعت لعبادا وهم على الأَصح بخت نصر وجنوده وهو عامل لهراسف وقيل جالوت الخزرى وجنوده وهو الذى قتله داود والخزرى نسبة إِلى الخزر، وهو ضيق العين وصغرها أو جيل من الناس وقيل سنجاريب وجنوده. وروى القول الثانى عن ابن عباس وسنجاريب فيما قيل هو ملك بابل من أهل نينوى والقول الأَخير روى عن ابن إِسحاق وابن جبير واختاره الزمخشرى { أُوْلىِ بَأْسٍ } بطش { شدِيدٍ } فى الحرب أو البأس هو نفس الحرب { فَجَاسُوا } طافوا وترددوا للقتل والغارة طالبين لذلك { خِلاَلَ الدِّيَارِ } وسط الديار بين دار أُخرى ووسط كل الدار قتلوا كبارهم وسبوا سبعين ألفا من صغارهم وأحرقوا التوراة وخربوا بيت المقدس. وقرأ أبو السماك فحاسوا بالحاء المهملة، والمعنى واحد ولله أن يسلط الكفرة على قتل المسلمين وسبى صغارهم وغنم ما لهم وإِحراق كتابهم وتخريب المسجد، وذلك لحكمة استأثر الله جل وعلا بها ويعاقب الكفرة بذلك لأَنهم فعلوا باختيارهم وإِن شئت فعل ذلك تخلية لهم منه وعدم منع، والعبارة الأُولى أنسب بقوله بعثنا { وَكَانَ } وعد أُولاهما أو كان بعثنا العباد عليهم أو كان جوسهم خلال الديار والمعنى واحد { وَعْداً مَّفْعُولاً } لا بد أن يفعل.