التفاسير

< >
عرض

قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً
٧٥
قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَٰحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْراً
٧٦
-الكهف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قَالَ } الخضر لموسى: { أَمْ أَقُلْ لَكَ } زاد هنا لفظ لك لزيادة التأكيد والعتاب لمخالفة الشرط مرتين ولعدم العذر هنا.
{ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْراً } ولعدم العذر هنا قال ما حكى الله سبحانه وتعالى عنه بقوله: { قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَىْءٍ بَعْدَهَا } أى بعد هذه المسألة أو بعد هذه المرة.
{ فَلاَ تُصاحِبْنِى } أَى لا ترافقنى. وقرئ فلا تصحبنى بفتح المثناة الفوقية وإسقاط الألف أى لا تكن صاحبى.
وقرأ يعقوب: فلا تصحبنى بضم التاء أى لا تجعلنى صاحبك والمراد بالشئ ما يفعله الخضر. وزعم غير واحد أن المراد الصحبة. وعلل قوله: لا تصاحبنى بقوله: { قَدْ بَلَغْتَ } وصلت أو كنى به عن قولك: وجدت.
{ مِنْ لَدُنِّى } عندى بضم الدال وتخفيف النون عند نافع حذفا لنون الوقاية وإسكان الدال وإشمامها الضم وتخفيف النون عند أبى بكر وبضم الدال وتشديد النون عند الباقين.
{ عُذْراً } فى مفارقتك إياى لأنى إذا سأَلتك بعد هذه خالفتك ثلاث مرات وقد يتمسك بهذا ونحوه فى أشياء كثيرة على الاقتصار على ثلاث مرات وإنما أخذ موسى نفسه على الثلاث استحياء. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"رحم الله أخى موسى استحيَى فقال ذلك لو ثبت مع صاحبه لأبصر أعجب الأعاجيب" .
وروى البخارى ومسلم عن أبى بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رحمة الله علينا وعلى موسى لولا أنه عجل لرأى العجب ولكنه أخذته من صاحبه ذِمامة فقال: إن سأَلتك عن شئ بعدها فلا تصاحبنى قد بلغت من لدنى عذرا فلو صبر لرأى العجب" . والذمامة: الحياء والشفقة. "وكان صلى الله عليه وسلم إذا ذكر أحدا من الأنبياء بدأ بنفسه كما قال هنا: رحمة الله علينا وعليه" وليس ذلك لازماً فى كل كلامه.
وحكى السهيلى أنه حان للخضر وموسى أن يفترقا قال له الخضر: لو صبرت لأتيت على ألف عجب كلها أعجب ما رأيت فبكى موسى.