التفاسير

< >
عرض

فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَآ أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً
٢٤
-مريم

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فَنَادَاهَا } عيسى أو جبريل { مِنْ تَحْتِهَا } رضى الله عنهما. وقيل: ضمير الإضافة للنخلة وهو قول قتادة.
وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو وأبو بكر بفتح الميم والتاء أى ناداها الذى تحتها وهو عيسى أو جبريل وكان جبريل يقبل الولد كالقابلة.
وقيل: تحتها: أسفل من مكانها أى بقعة أسفل من البقعة التى هى فيها والأول أظهر ومذهب الحسن وأبىّ ومجاهد وابن جبير أن المنادى عيسى قبل وهو أظهر وأبين وبه يتبين عذر مريم رضى الله عنها ولا تبقى بها استرابة وفيه أنه لا حاضر من الناس لندائه ومذهب ابن عباس أن المنادى جبريل وأن عيسى لم يتكلم حتى جاءت به قومها وكان يقرأ فناداها ملك من تحتها. وقرأ زر وعلقمة: فخاطبها من تحتها:
{ أَلاّ تَحْزَنِى } أن تفسيرية ولا ناهية وأن مصدرية تقدر الباء قبلها ولا نافية أو ناهية بناء على جواز دخولها فى الطلب.
{ قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ } وقرأ ورش تحتش بإبدال كاف المخاطبة شينا وهى لغة ذكرها المرادى.
{ سَرِيّاً } إنسانا عظيما شريفاً من السرور وهو الشرف والسيادة وهو عيسى نفسه فإن كان هو المنادى فإنما أخبر عن نفسه بذلك لأمر الله إياه ولإزالة الحزن عنها لا تفاخراً وذلك قول قتادة وابن زيد والحسن.
وقال الجمهور: نهر ماء صغير لم يكن ثَم وهو باللغة السريانية. وقيل: قد كان قبل ذلك وانقطع. وهو قول البراء بن عازب.
وروى
"أن النبى صلى الله عليه وسلم سئل عن السرىّ فقال: نهر ماء" .
وإن قلت: لم تحزن لفقد الماء أو الولد ولفقد الرطب فكيف يصبّرها ويسليها بهما؟
قلت: لم يقع تصبرها بهما من حيث إنهما ماء ورطب أو ولد ورطب ولكن من حيث إنهما معجزتان تريان الناس أنها من أهل العصمة والبعد عن الريبة وأنها بمعزل عما تبهت به وأن لها أموراً خارقة للعادة فليس ولادتها من غير رجل ببدع.