التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ وَٱلْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
٥٣
-البقرة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ }: الكتاب هو ألفاظ التوراة، والفرقان هو التفريق بها بين الحق والباطل، كقولك خلق الله اللغة ومعانيها، وأعجبنى زيد وحسنه. والحاصل أنه ذكر الشىء وما يتحصل به، وليس ذلك من عطف النعت النحوى على منعوته، ولا من زيادة الواو فى النعت، كما قال من قال: إن الفرقان نعت للمبالغة أو للتأويل بالمفرق، أو لتقدير مضاف أى ذا فرقان، ولا عطف تفسير كما قيل، لأن لفظ الكتاب ليس موضوعاً لمعنى الفرقان فضلا عن أن يفسر به، وقد يقال: على اعتبار معنى وصف الكتاب: إنهُ من عطف صفة على أخرى وهو جائز، كقولك جاء زيد الفقيه والعالم، تريد جاء زيد الجامع بين الفقه وسائر العلوم، كأنه قيل: وإذ آتينا موسى التوراة التى هى من كلام جامع للحدود، والأحكام مفرقة بين الحق والباطل، فكأنه قيل التوراة المشتملة على الجمع والتفريق، تقول جاءك الفرح والمستبشر، أى زيد الجامع بين الصفتين الفرح والاستبشار، أو الفرقان معجزاته الفارقة بين المحق والمبطل فى الدعوى، فإن عصاه ويده مثلا مبطلتان لدعوى فرعون، محققتان لدعوى موسى الرسالة، أو بين الإيمان والكفر، ويجوز أن يكون الفرقان بمعنى الشرع الفارق بين الحلال والحرام، وهو ما تضمنتهُ ألفاظ التوراة من المعانى، ولا شك أن المعنى غير اللفظ فصح العطف، وهذا الوجه من وادى الوجه الأول، ويجوز أن يكون الفرقان بمعنى النصر الذى فرق بينه وبين عدوه كما قيل فى قوله تعالى: { { يوم الفرقان } إنهُ بمعنى يوم النصر وهو يوم بدر، وقيل الفرقان فرق البحر.
{ لَعلّكُم تَهْتَدُونَ } أى لتهتدوا بتدبر الكتاب الذى هو التوراة والتفكر فى المعجزات، وتتركوا الضلال، فلعل للتعليل، ويجوز بقاؤها للترجى باعتبار المخلوق كما مر.