التفاسير

< >
عرض

وَدَخَلَ ٱلْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَـٰذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَـٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَٱسْتَغَاثَهُ ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى ٱلَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ قَالَ هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ
١٥
-القصص

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَدَخَلَ المَدِينَةَ } مصر وقيل منيف من أعمال مصر وقيل حلبين على فرسخين من مصر وقيل مدينة عين شمس وذلك بعد ان غاب مدة عن مصر ودخلها بعد ذلك وهذا على أن المدينة مصر.
{ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ } أي في حين.
{ مِّنْ أَهْلِهَا } نعت لغفلة، قال السدي: عن ابن عباس كان موسى يركب لركوب فرعون ويركب مراكبه ويلبس لباسه وكان يدعى بابن فرعون وركب فرعون يوما وموسى غائب وسار الى مدينة من مدائن مصر فركب موسى بعد ان جاء وأخبر بمسير فرعون ولحق بتلك المدينة في وقت القايلة وهو حين الغفلة، وقيل عن ابن عباس: حين الغفلة ما بين المغرب والعشاء وقال علي والحسن: هو يوم عيد لهم فهم في لهوهم ولعبهم وقيل: لما جاء موسى وكان غائبا وأخبر بمسير فرعون لحقه وأدركه المقيل بمنيف فدخلها فهي المدينة وقيل كان لموسى شيعة من بني إسرائيل يسمعوه منه ولما عرف ما هو عليه من الحق رأى فراق فرعون وقومه فخالفه في دينه جهرا حتى انكروا ذلك عليه وخافهم وخافوه فكان لا يدخل قرية إلا مستخفياً على حين غفلة من أهلها، وقيل لما ضرب فرعون بالعصى في صغره فأراد قتله فقالت امرأته: هو صغير أمر باخراجه فلم يرجع حتى بلغ أشده ودخل على حين غفلة لئلا يروه أو على حين غفلة من أهلها عن ذكره وقد نسوا خبره لبعد عهدهم به.
{ فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ } يتخاصمان ويتضاربان.
{ هَذَا مِن شِيعَتِهِ } أي من بني اسرائيل وقيل عبر بالشيعة لان هذا الاسرائيلي قد شايع موسى على دينه.
{ وَهذَا مِنْ عَدُوِّهِ } وهم القبط فليتون وقيل الذي من شيعته هو السامري وقيل المعنى هذا مؤمن وهذا كافر واعتز بنوا اسرائيل حتى لا يقدر قبطي يظلم اسرائيليا لما بلغ أشده وكانوا يعلمون انه منهم.
{ فَاسْتَغَاثَهُ } وقرأ سيبويه فاستعانه.
{ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ } فقال له موسى خل سبيله فقال لقد هممت أن أحمل هذا الحطب عليك وقيل قال له انما اخذته ليحمل الحطب الى مطبخ أبيك فنازعه فقال القبطي لقد هممت أن احمل عليك. وروي انه لما غلب الاسرائيلي من موسى الغوث والنصر اشتد غضب موسى وهو يعلم منزلة موسى من بني اسرائيل وحفظه لهم قيل ولا يعلم الناس ذلك إلا من قبل الرضاع.
{ فَوَكَزَهُ } ضرب القبطي بمجمع كفه وأصابعها منضمة مجتمعة وقيل الوكز الضرب في الصدر وقيل الدفع بأطراف الاصابع وقرأ ابن مسعود (فلكزه) باللام أي ضرب صدره بكفه.
{ مُوسَى } وروي انه ضربه بالعصا.
{ فَقَضَى عَلَيْهِ } أي قتله وفرغ من أمره ولم يكن قاصدا لقتله ولكن كان قويا شديد البطش وروي انه فرق بينهما فأخطأت يده الى القبطي من غير عمد ومات ولما مات دفنه في الرمل وذكر بعضهم أن اللكز في المحي والوكز في القلب وذكر بعض أن أصل قضى عليه انهى حياته كقوله
{ { وقضينا إليه ذلك الأمر } }. { قَالَ هَذَا } أي قتله.
{ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ } قيل لما هيج الشيطان غضبه حتى قتله جعل القتل عملا له وانما جعله من عمل الشيطان وسماه ظلما واستغفر منه على عادة الأنبياء والأولياء في استعظام المحقرات التي صدرت مهم وروي انه قال ذلك لأنه قتله قبل أن يؤمر بقتالهم وعن ابن جريج انه ليس لنبي ان يقتل مالم يؤمر وايضا هو فيهم مأمور فلم يكن له الاغتيال بقتلهم ولا يقدح ذلك في نبوته وعصمته لأنه خطأ.
{ إِنًّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ } معاد لابن آدم مضل له عن الصواب بين الاضلال والمعاداة وقيل الاشارة الى المقتول على حذف مضاف أي هذا المقتول من أهل عمل الشيطان أو عمله من عمل الشيطان لكفره بالله ومعصيته وقيل اشارة الى عمل المقتول أي هذا العمل الذي صدر من المقتول من عمل الشيطان.