التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِّن ذٰلِكُمْ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ
١٥
-آل عمران

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قُلْ أَؤنَبِّئُكُمْ }: الهمزة الأولى للاستفهام، والثانية للمتكلم مسهلة أى: أفأخبركم؟.
{ بِخَيرٍ مِنْ ذَلِكُمْ }: تقرير لما ذكر من كون جنس المآب خيراً من متاع الدنيا، والوقف على ذلك، وكأنه قيل: أخبرنا ما هو فأجاب بقوله.
{ لِلّذينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِم جَنّاتٌ تَجْرِى مِنْ تَحْتِها الأنْهارُ خالدينَ }: حال من الذين مقدرة.
{ فِيهَا وأزْوَاجٌ مُطَهَّرةٌ ورِضْوانٌ مِنَ الله }: فـ { لِلّذين } خبر، و{ جَنّات } مبتدأ، و{ عِنْدَ } متعلق بما تعلق به، أو حال من ضمير جنات فيه ويجوز أن يكون الوقف على { اتَّقَوْا } فيتعلق { لِلّذين } بخبر، { وعِنْدَ } خبر، و { جَنّاتٌ } مبتدأ، أن يكون الوقف، على { عِنْدَ رَبِّهِم } فيتعلق بخبر، فيكون جنات خبر المحذوف، أى: هو جنات. وقرىء: جنات بالجر على الإبدال من خبر، وهو مؤيد للوجه الأخير الذى هو أن جنات خبر لمحذوف، فإن الإخبار بالشىء عن الشىء إذ قلنا: هو وأبداله منه بدلاً مطابقاً سواء فى الحكم بأن هذا هو هذا، والمراد بالذين اتقوا: من اتقى الإصرار على الشرك، أو الكبيرة، وقال ابن عباس فى رواية عنه: أراد المهاجرين والأنصار، وغيرهم مثلهم، ومعنى تطهير الأزواج: خلقهن بعد الموت، وخلق الحور بلا دم، ولا غائط، ولا حيض، وغيره مما يستقذر. وقرأ عاصم ورضوان بضم الراء وهو لغة، وكذا قرأ فى جميع القرآن إلا قوله:
{ مَنْ اتبع رضْوَانه } فانه قرأة بالكسر. قال ابو سعيد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقولُ اللهُ عزَّ وجَلّ لأهل الجَنة، يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك يا ربنا وسعديك والخير كله بيديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك، فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك. فيقولون: فأى شىء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضوانى فلا أسخط عليكم بعده أبدا" .
. { وَاللهُ بَصِيرٌ بالعبادِ }: أى بأعمالهم كلهم فيجازى محسنهم بإحسان ومسيئهم بإساءة، أى إحسان، وأى إساءة. وقيل أراد بالعباد: الذين اتقوا أى عليم بتقواهم، فجزاهم بالجنة، والأزواج المطهرة، والرضوان، بدأ الله بنعمة الدنيا وهن: النساء، وما بعدهن، وذكر النعمة الوسطى، وسطاً وهى الجنة، وذكر أعلاها آخرا وهى الغاية، وهى رضوان الله.