التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ
١٥٥
-آل عمران

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنْكُمْ }: يا معشر المسلمين وفيه دليل على جواز إيقاع البعض على الأكثر فإن المتولين هو أكثر المسلمين، ومن للتبعيض، ويضعف كونها للابتداء، والمراد بالتولى الانهزام.
{ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ }: يوم أحد والجمعان جمع المؤمنين وجمع الكفار.
{ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ }: طلب زللهم وسعى فيه.
{ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ }؛ وذلك البعض هو الحرص على الغنيمة، أو الحياة، أوقعهم الشيطان به، فى الزلل، وهو الانتقال من الموضع الذى قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنتقلوا منه فالزلة الانتقال، ولسببها الحرص الذى هو بعض كسبهم، فمنعوا التأييد وقوة القلب فى بقية قتال ذلك اليوم. وقيل الزلة: بعض ما كسبوا أو البعض هو الانتقال: أى طلب الشيطان والعياذ بالله، منه أن يقفوا فى زلة، هى ذلك البعض، وهو الانتقال فالباء للتصوير: وقيل الزلل بذنوب تقدمت قبل، فإن الذنوب بعضها بعضاً والزلل انهزامهم، أو الانتقال والانهزام، أو كلاهما، وحب المال. وقيل: استزلهم بالانهزام، بسبب ذنوب ذكروا أنهم فعلوها فكرهوا الموت، قبل الخلاص منها، قال عمر رضى الله عنه: المراد بهذه الآية جميع من تولى ذلك اليوم عن العدو، وقيل نزلت فى الذين فروا إلى المدينة. قال ابن زيد: فلا أدرى هل عفا الله عن هذه الطائفة خاصة، أم عن المؤمنين جميعاً.
{ وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ }: لتوبتهم. روى أن عثمان عوتب على انهزامه يوم أحد، فقال: إن ذلك ولو كان خطأ لكن قد عفا الله عنه.
{ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ }: لمن تاب.
{ حَلِيمٌ }: لا يعجل عقوبة المذنب بل يمهله ليتمكن من التوبة، ولم يستأصل المؤمنين يوم أحد، بالقتل وربما عاجل بالعقاب، على ذنب لكن لتقدم ذنوب من جنسه وغير جنسه.