التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ
١٧٥
-آل عمران

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ إِنَّمَا ذلِكُمُ }: المذكور، وهم الناس القائلون: إن الناس قد جَمَعُوا لكُم، أو المذكور الذى هو نعيم بن مسعود القائل ذلك أو أبو سفيان.
{ الشَّيْطَانُ }: خبر { ذلكم }، وجملة قوله:
{ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ }: حال من الشيطان أو خبر ثان، كقوله: هو رجل خبيث، أو الشيطان: نعت ذلكم، وجملة { يخوف أولياءه } خبر شبه الجماعة بالشيطان، أو أبا سفيان، أو نعيماً تشبيهاً بليغاً كزيد أسد، وتشبيه الجماعة بالواحد جائز، سواء أريد أن كل واحد منها ككذا، أو أريد أن مجموعها كله ككذا، ويجوز أن تكون الإشارة إلى قولهم: { إن الناس قد.. } إلخ فَيُقَدَّر مضاف، أى: إنما ذلكم القول الشيطان، فمن هذه الجهة يكون المجاز بالحذف، وبعد ذكر المضاف يحتمل المجاز العقلى بأن سمى قولهم قول الشيطان وأسنده إليه، ويحتمل التشبيه البليغ أو الاستعارة على الخلاف فى زيد أسد، أى قولهم الذى نطقوا به من ألسنتهم، كقول الشيطان الذى نطق به، لأن نطق كل أحد غير نطق الآخر، ولو اتحد اللفظ والمعنى، ويجوز أن تكون الإشارة إلى المفعول، فيكون التجوز بالحذف، فقط أى: إنما ذلكم المقول مقول الشيطان، كما تقول: الرجل الذى أكرمت هو الذى أكرم زيد، فإن الرجل لا يتعدد حقيقة بتعدد مكرمه، والشيطان: إبليس، وإن أريد الجنس، كان من التشبيه من تشبيه الجماعة بالجماعة، ويجوز أن تكون الإشارة إلى الشأن والشيطان مبتدأ ويخوف أولياءه خبره مفسر له، كما هو حال ضمير الشأن، والشيطان فى هذا الوجه: إبليس أو الجنس على الحقيقة، أو الجماعة أو نعيم، أو أبو سفيان، على التشبيه أو الاستعارة، والمراد بالأولياء المنافقين، القاعدين عن القتال، أو الغزو، فالمفعول الثانى محذوف، أى: يخوف أولياءه غلبة المشركين، أو المفعول الأول محذوف، فالأولياء المشركون: أى يخوفكم أيها المسلمون، أولياءه المشركين - أبا سفيان وأصحابه - أى: يصيركم خائفين غلبة أوليائه عليكم، ويدل لهذا الوجه قراءة أبى: يخوفكم بأوليائه، وقراءة ابن عباس: يخوفكم أولياءه. قال المحاسبى: كلما عظمت هيبة الله عز وجل فى صدور أوليائه لم يهابوا معه غيره حياءً منه عز وجل، أن يخافوا معه سواء.
{ فَلاَ تَخَافُوهُمْ }: أى لا تخافوا الناس الجامعين، فالهاء عائدة إلى الناس من قوله
{ { إن الناس قد جمعوا } أو لا تخافوا أبا سفيان وأصحابه، فالهاء عائدة إلى الأولياء.
{ وَخَافُونِ }: أى عظمونى، أو خافوا عقابى على مخالفة أمرى إن خالفتموه فجاهدوا مع رسولى.
{ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ }: مصدقين بوعدى أو مطيعين، فإن الإيمان الحقيق يصرف الخوف كله إلى الله فلا يخاف إلا منه فهو المتكفل بالنصر للمؤمنين.