التفاسير

< >
عرض

وَيُعَلِّمُهُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ
٤٨
-آل عمران

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ }: عطف على يبشرك، أى يبشرك بكلمة، ويعلم ذلك الكلمة الكتاب واستبعد أبو حيان هذا العطف لطول الفصل، وأجاز عطفه على { وجيهاً } وقيل: هى للاستئناف، ومشهور عندنا فى النحو، كون الواو تجىء للاستئناف وليست عاطفة البتة إذا كانت للاستئناف ولكن الأظهر لى ألا تكون للاستئناف المجرد، بل إذا ضعف العطف بفصل أو بتخالف فعلية أو اسمية أو إخبار أو إنشاء أو غير ذلك، كان الفصل أولى وكون الواو هو ترك العطف، وإن وصل بالعطف سموها واو استئناف، بمعنى أنها للعطف، وأن الأصل تركه، ولكن كان لحكمة فى كلام الله، أو نبيه صلى الله عليه وسلم، أو لحكمة أو قصور فى كلام غيرهما، هذا هو التحقيق إن شاء الله تعالى، فتمسك به، ولعلك لا تجده فى كلام غيرى، ولذلك لا يوجد أول كلام بلا سبق شىء، وإن وجد قدر شىء قبله، وقرأ غير نافع وعاصم: { نُعلِّمه }: بالنون، وعليه فإن عطف على يبشر أشكل بحسب الظاهر لأن يبشرك خبر لقوله "إن الله" والمعطوف على الخبر خبر فكأنه قيل: إن الله يبشرك، وهذا لا يصح بحسب الظاهر، ويجاب بأنه يفتقر فى الثوانى، ما لا يفتقر فى الأوائل، فى كثير من الكلام، فلعل هذا منها مع ما ينضم إلى ذلك من طريق الالتفات، بقصد التعظيم من الغيبة إلى التكلم، ولو ضعفه التفتزانى فى حاشية الكشاف، بأن التكلم فى الحكاية، لا يكون إلا من الحاكى، ولك أن تقول: الأصل أن تقول الملائكة { إنَّا نُبَشِّرُكَ } وعدلوا إلى أن الله يبشرك، فروعى هذا الأصل فى العطف.
و{ الكتاب }: مصدر بمعنى الكتابة، أو جنس كتب الله، فعطف التوراة والإنجيل فى قوله:
{ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ }: عطف خاص على عام، لفضلهما على ما تقدمها من الكتاب والحكمة، العلم والسنة وأحكام الشريعة. والجمهور على أن الكتاب مصدر بمعنى الكتابة.