التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱلَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي ٱلأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَآءُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٦
-آل عمران

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ هُوَ الَّذي يُصَورُكُمْ فِى الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ }: على الحالة التى أرادها من رقة وغلظة، وطول وقصر، وبياض وسواد، وذكورة وأنوثة، وحسن أو قبح أو غير ذلك، وهو الذى صور عيسى فى بطن أمه مريم، فكيف يكون إلهاً؟ وكيف يكون أباً له؟ وإنما صوره تصويرا وخلقه، وذلك دليل على أنه قيوم، لأنه كناية عن كونه قادراً عل جميع الممكنات، ومنها تحصيل مصالح الخلق، ومنافعهم، ودليل على كمال إتقانه لأفعاله وكمال علمه، والتصوير: خلق الصورة من صار يصور، أى مال والتصوير إمالة الرجال، قال عبد الله بن مسعود: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هو الصادق المصدق إن خلق أحدكم، يجمع فى بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة، مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكاً بأربع كلمات، يكتب رزقه وأجله وعمله، وشق أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، فوالذى لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى لا يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وأن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى لا يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل الجنة، فيدخلها" وهو حديث مشهور مذكور فى شرح العقيدة، لأبى سليمان الثلاثى، وفى مسلم والبخارى وغير ذلك على اختلاف فى ألفاظ. وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وكل الله بالرحم ملكاً، فيقول: أى ربى نطفة، أى ربى علقة، أى ربى مضغة، فإذا أراد الله أن يقضى خلقها، قال يا رب أذكر أم أنثى؟ أشقى أم سعيد؟ فما الرزق؟ فما الأجل؟ فيكتب ذلك له فى بطن أمه" . وعنه صلى الله عليه وسلم: "سبحانه يخلق عظام الجنين وغضاريفه من منى الرجل، ولحمه وشحمه وسائره من منى المرأة" وذكر الشيخ هودرحمه الله عن بعض المفسرين أنه يشبه الرجل الرجل، ليس بينهما قرابة إلا من قبل الأب والأكبر آدم. وقرأ طاوس: وتصوركم - بمثناة فوقية مفتوحة وفتح الصاد والواو والراء - أى جعل صوركم لنفسه لتعبدوه، ونفع ذلك لكم والله غنى حميد.
{ لاَ إلَهَ إلاّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }: لا يكون غيره إلهاً، لأنه لا يقدر غيره على ما يقدر عليه، فهو العزيز فى ملكه ونقمته، الحكيم صنعه وأمره.