التفاسير

< >
عرض

وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ
٦
-لقمان

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهُوَ الحَدِيثِ } اي ما يلهي به عما يعني من كل باطل كالتحدث بالاساطير التي لا اعتبار بها والاحاديث التي لا أصل لها وتحدث بالخرافات والمضاحك وفضول الكلام وما لا ينبغي والغناء والموسيقى اضافة لهو للحديث بيانية كباب ساج اي اللهو الذي هو الحديث المنكر او تبعضية فان بعض الحديث لهو وبعضه غير لهو ومعنى اشتراءه استبداله واختياره كما روي عن قتادة اي اشتراءه استحبابه يختار حديث اللهو على الحق وذلك اشتروا الكفر بالايمان واما من الشراء كما روي ان النضر بن الحارث بن كندة يشتري كتب الأعاجم والمغنيات للهو والاضلال والمعنى الأول يعم هذا أيضا فانك انما تشتري ما تحبه وتختاره.
{ لِيُضِلَّ عن سَبِيلِ اللهِ } دينه وسماع القرآن وقراءته.
{ بِغَيْرِ عِلْمٍ } أتاه من الله يسوغ له الاشراك واللهو والاضلال او بغير علم بالتجارة وبغير بصيرة اذا استبدل الهدى بالضلال فتجارته غير رابحة فلو عرف التجارة النافعة لما فعل ذلك.
{ وَيَتَّخِذَهَا } أي الآيات او السبل لان السبيل يؤنث ويذكر والرفع على الاستئناف او على العطف على يشتري وقرىء بالنصب عطفا على يضل او عطفا لمصدره على غير وهو قراءة حمزة والكسائي ويعقوب وحفص وقرأ ابن كثير وابو عمرو (ليضل) بفتح الياء اي ليدوم في ضلاله ولا يصرف عنه وليزيد في ضلاله او المراد الضلالة التي تلزمه من اضلال الناس فان اضلاله الناس ضلالة كما ان القتل المحرم ضلالة ولك ادخال هذا في زيادة الضلالة.
{ هُزُواً } سخريا روي ان ذلك نزل في النضر بن الحارث يشتري كتب الاعاجم وكان يحدث بها قريشا ويقول ان كان محمد يحدثكم بحديث عاد وثمود فأنا احدثك بحديث رستم وبهرام واسفنذيار والاكاسرة وملوك الحيرة فيستمعون كلامه ويستملحونه ويتركون استماع القرآن وكان يتجر الى فارس ويشتري ذلك منها.
وقيل يتجر الى الحيرة ويشتري منها.
قيل هو يشتري الفتيان المغنين.
وقيل انه يشتري المغنيات فلا يظفر بأحد يريد الاسلام الا انطلق به الى قينته فيقول اطعميه واسقيه وعنينه ويقول هذا خير مما يدعوك اليه محمد من الصلاة والصيام وان تقاتل بين يديه وكان يحملهن على معاشرة من يريد الاسلام ومنعه منه وقال الكلبي: نزلت في النضر بن الحارث من بني عبدالدار وكان يروي الاحاديث الجاهلية واشعارها.
وروي انها نزلت في قريشي اشترى جاره مغنية لتغني له بهجاء النبي صلى الله عليه وسلم.
وقيل انه ابن اخطل وعن ابي امامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
" لا تبيعوا الفتيات المغنيات ولا تشتروهن ولا تعلموهن ولا خير في تجارة فيهن وثمنهن حرام "
. ذكره الخازن ولعل المراد بثمنهن ما يعطى لهن للغناء وفي حديث عن ابي هريرة " لا أُصلي على من اشترى جارية ومسكها لغنائها إِن الله سبحانه يقول { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ } الآية وما من رجل يرفع صوته بالغناء الا بعث الله له شيطانين احدهما على هذا المنكب والآخر على هذا المنكب فلا يزالان يضربانه بأرجلهمها حتى يكون الذي يسكت " .
قيل الغناء منفذة للمال مسخطة للرب مفسدة للقلب.
وعن محمد بن المنكدر ان الله جل جلاله يقول يوم القيامة
" أَين الذين كانوا ينزهون أَنفسهم عن اللهو ومزامير الشيطان أدلوهم في أرض المسك " ثم يقول الله سبحانه وتعالى " اسمعوهم ثنائي وحمدي واخبروهم ألاّ خوف عليهم ولا هم يحزنون " .
وعن ابن مسعود وابن عباس والحسن وعكرمة وسعيد بن جبير: لهو الحديث الغناء والآية نزلت فيه.
وعن ابي الصهباء سألت ابن مسعود عن هذه الآية فقال: هو الغناء والذي لا اله الا هو يقول ذلك ثلاث مرات والغناء ينبت النفاق. وقيل لهو الحديث الطبل وسمي ضربه لهوا لانه يلهي به واضيف للحديث لانه يجلبه ويكون معه فالطبل ضربه كبيرة مطلقا.
وقيل ان غنيَّ عليه او اجتمع عليه.
وفي التاج من الكبائر ضرب الطنبور ونحوها والدف ان غنيَّ عليه يعني وان لم يغن عليه فهو من المنكرات التي ليست بكبائر فيجب النهي عنه كذا نفهم.
وقيل كل لهو ولعب وقيل الشرك.
وعندي ان تفسير اللهو بالغناء جائز صحيح وان الاستدلال بالآية على تحريم الغناء غير سائغ لان الآية نزلت في المشرك بدليل ويتخذها هزوا ولتقييد شراء اللهو بالاضلال والمغني والسامع لا يتخدها هزوا ولا يحمل الناس علىالاشراك فتحريم الغناء صحيح لكن من غير الآية.
{ أُؤْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } عذاب عظيم وهو عذاب النار يهينهم لانهم أهانوا المسلمين.