التفاسير

< >
عرض

إِلاَّ مَنْ خَطِفَ ٱلْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ
١٠
-الصافات

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ إلا من خطف الخطفة } الاستثناء من واو يسمعون ومن بدل منه وآل للعهد لدلالة لا يسمون على السمع ودلالة الحفظ من كل الشيطان مارد على ان السمع يحفظه اي اختلاسه او يكفي في العهد ان الاستماع للملأ وان الخطفة من كلامهم الذي تقدم ما يدل عليه وانما صح لهم الخطف لأن الله وكل الحفظ الى الملائكة ولو قدرنا حفظناها حفظا لان المعنى امرنا بحفظها فهم يسترقون ما قضي الله ان يسترقوه وقرىء خطف بفتح الخاء وكسر الطاء وتشديدها وخطف بكسرهما وتشديد الطاء واصلهما اختطف سكنت التاء وابدلت طاء وادغمت في الظاء حركت الخاء بفتحة التاء وحذفت همزة الوصل قبلها وكسرت الطاء لئلا يتوهم أنه مشدد خطف كعلم وعلم فجاز كسر الخاء تبعا او ازيلت فتحة الياء ازالة لا نقلا فكسرت الخاء على التخلص من ساكنين فكسرت الطاء تبعا.
{ فاتبعه } مزيد موافق للمجرد الذي هو تبع فكأنه وقرىء فاتبعه بالتشديد.
{ شهاب } كوكب من نار من كواكب من نار في ايدي الملائكة معدة لذلك قوي يقتله او يحرقه فيرجع او يجعله فيكون كالبهيمة قيل يكون غولا يضل الناس في السفر او يثقبه قال القاضي اختلف هل يتأذى به فيرجع او يحرقه اي فيموت ولكون بعضهم قد يرجع سالما او احترق قليلا لم يرتدعوا رأسا بل يسترقون ويرجون السلامة والشيطان ولو كان من نار لكنه غير باق على اصله بل استحال كما كان من تراب ولسنا بتراب فهو يتأذى بالنار وايضا النار القوية اذا استولت على الضعيفة استهلتها وقال القاضي أيضا.
إنه ليس من النار الصرف كما أن الانسان ليس من التراب الخالص ولعل النجوم التي يرجم بها نجوم معدة لذلك أو قطع من نار أو قبس من النجوم شبه القطع والقبس بالنجوم فشبهت باسم النجم في بعض المواضع وقيل بخار يصعد فيشتعل فهو مصباح لأهل الأرض لأن كل نير في الجو مصباح لأهل الأرض زينة للسماء لأنه كأنه على سطحها فكان الرجم قبل ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم قليلا وكثر بميلاده أو لم يكن قبله حورا كما كان بعده يحمل قول بعض ما كنا نرى نجما قبل البعثة على تقليل رؤيته أو على أنه نفي رؤيته لقلته فلم يره.
{ ثاقب } مضى ينفذ الظلمة أو ثاقب له ونافد.
وعن ابن عباس إذا رأيتم الكوكب قد رمى فتوارى فإنه يحرق ما اصاب ولا يقتل.
وعن الحسن يقتله في أسرع من طرفة عين، قال بعض كنا مع ابي قتادة فانقض نجم فنهانا أن نتبعه بأبصارنا وجاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما - ان الشياطين كانوا لا يحجبون عن السماوات وكانوا يدخلونها ويأتون بأخبارها فيلقون على الكهنة فلما ولد عيسى منعوا من ثلاث سماوات ولما ولد محمد صلى الله عليه وسلم منعوا من السماوات كلها فما منهم من احد يريد استراق السمع الا رمي بشهاب وهو الشعلة من النار فلا تخطيء أبدا فمنهم من تقتله ومنهم من تحرق وجهه ومنهم من تخبله فيصير غولا يضل الناس في البراري وذكر في المواهب عن البغوي ان النجم كان ينقض ويرمي الشيطان ثم يعود إلى مكانه.