التفاسير

< >
عرض

وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ
١٠٨
-الصافات

هميان الزاد إلى دار المعاد

ثناء حسنا وسنة يقتدى بها وفيه ما في الذي مر تفسيره.
فصل في عرائس القرآن
قال الثعلبي في عرائس القرآن لما نزل به اضيافه من الملائكة المرسلين الى المؤتفكة وبشروه بغلام حليم قال ابراهيم هو ذبح الله ولما ولد وبلغ معه السعي قيل له اوف بنذرك الذي نذرت به وكان هذا هو السبب في امر خليله بذبح ابنه فحينئذ قال ابراهيم لاسحاق اي او لاسماعيل يا بني انطلق بنا نقرب قربانا إلى الله واخذ سكينا وحبلا وانطلق به حتى إذا هب به بين الجبال قال له الغلام يا ابت اين قربانك؟ قال: (يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى؟ قال: يا ابت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين). وقال محمد ابن اسحاق: كان ابراهيم اذا زار هاجر حمل على البراق فيغدو من الشام فيقيل بمكة ويروح من مكة ويبيت عند اهله بالشام حتى اذا بلغ معه اسماعيل السعي واخذ بنفسه ورجاه لما كان يؤمل منه من عبادة ربه وتعظيم حرماته ارى في المنام ان يذبحه. فقال: يا بني خذ الحبل والمدية فانطلق بنا الى هذا الشعب نحتطب ولما خلا به اخبره بما امر به وقال: (يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى؟) فقال له: (افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين). وقال له: يا أبت اشدد رباطي لئلا اضطرب واكفف عني ثيابك حتى لا يتلطخ عليها من دمي شيء فينتقص اجري وتراه امي فيحترق كبدها وحد شفرتك وأسرع مر السكين على حلقي ليكون اهون علي وان الموت شديد واذا اتيت امي فاقرها مني السلام وان رأيت ان ترد اليها قميصي فافعل فعسى ان يكون اسلى لقلبها علي فقال له يا بني نعم العون انت على امر الله تعالى وطاعته فربطه ابراهيم وجعل يقلبه وهو يبكي والابن يبكي والملائكة تبكي والسماوات قد عجت والأرض قد اضطربت رحمة لهما والجبار مطلع عليهما فلم يزل يبكي حتى استنقعت الدموع تحت خديه ثم وضع ابراهيم السكين على حلقه فلم تعمل شيئا. قال السدي ضرب الله صفيحة من نحاس على حلقه ولا يراها قلت الله غني عن حلقة الحديد فالأحسن أنه منع الحديد أن يؤثر في اللحم بقدرته وهذا أبلغ في القدرة. وروي أنه شحذها بعد ذلك مرة أو مرتين بالحجر فلم تعمل شيئا فقال يا أبت كبني على وجهي لئلا يأخذك وهن في أمر الله ولا ترحمني وانك إذا نظرت إلى وجهي رحمتني وأدركتك الرأفة فتحول بينك وبين أمر الله ويكون ذلك أيضا أهون علي لأني لأرى الشفرة فأجزع ووضع السكين على قفاه فانقلبت ونودي ان يا ابراهيم قد صدقت الرؤيا هذه ذبيحتك فداء لابنك فاذبحها فينظر فإذا بالكبش. وروى ابوهريرة عن كعب الاحبار عن رجل قال: لما رأى ابراهيم في المنام ان يذبح ابنه قال الشيطان والله لان لم افتن آل ابراهيم عند هذا لا افتن منهم أحدا أبدا فتمثل الشيطان لهم رجلا فأتى أم الغلام فقال أتدرين أين يذهب إبراهيم بابنك؟ قالت ذهب به ليحتطب من هذا الشعب قال لا والله ما ذهب به الا ليذبحه. قالت: كلا والله هو ارحم به واشد حبا له من ذلك قال لها انه يزعم ان الله امره بذلك. قالت: فان كان الله امره بذلك فقد احسن في امتثال طاعة ربه في استسلامه لأمر الله تعالى. فخرج الشيطان من عندها حتى اتى الغلام وهو يمشي خلف ابيه فقال له: يا غلام هل تدري اين يذهب بك ابوك؟ قال: نحتطب لأهلنا من هذا الشعب. قال: لا والله ما يريد الا ذبحك. قال ولم قال انه يزعم ان الله امره بذلك. قال: فليفعل ما امره الله به سمعا وطاعة لأمر الله فلما امتنع منه الغلام أقبل على ابراهيم فقال: أين تريد أيها الشيخ؟ قال: أريد هذا الشعب لحاجة لي فيه. فقال: والله اني لأرى الشيطان قد جاءك في منامك فأمرك بذبح ولدك هذا فعرفه ابراهيم فقال: اليك عني يا ملعون فوالله لأمضين لأمر ربي فرجع ابليس بغيظة ولم يصب من آل ابراهيم شيئا مما اراد وقد امتنعوا منه بعون الله وتأييده وروى ابوالطفيل عن ابن عباس ان ابراهيم لما امر بذبح ابنه عرض له الشيطان عند المشعر الحرام فسابقه فسبقه ابراهيم ثم ذهب الى جمرة العقبة فتعرض له الشيطان فرماه ابراهيم بسبع حصيات ثم ذهب ثم عرض له عند الجمرة الوسطى فرماه بسبع حصيات ثم ذهب ثم عرض له عند جمرة الكبرى فرماه بسبع ثم ذهب حتى مضى ابراهيم لأمر الله انتهى. وفي رواية ان الشيطان تكلم لاسماعيل على صورة شيخ وعلى صورة طائر ومن جوف الجبل وقال ابوه ذلك ابليس دخل في الجبل فقال له ان دمك مسفوح علي وعن ابي الطفيل عن ابن عباس ان على اسماعيل قميصا ابيض فقال: يا ابت انه ليس لي ثوب غير هذا فتكفني فيه فاخلعه عني حتى تكفني فيه. قال بعضهم لما وصل السجود إلى الأرض جاء الفرج.