التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِيلاً
١٢٢
-النساء

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالدِينَ فِيهَا أَبَداً وَعْدَ اللهِ حَقًا }: نصب وعد الله على أنه مفعول مطلق لنفسه، أغنى أنه منصوب بفعل محذوف من لفظه، والجملة مع هذا المفعول المطلق مؤكدة لقوله: { سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالدِينَ فِيهَا أَبَداً } ومعنى هذه الجملة ومعنى قوله: { سَنُدْخِلُهُمْ } الى آخره واحد، فان الاخبار بالادخال هو نفس الوعد، أى وعد الله ذلك وعدا، فحذف وعد وأضيف المصدر الى لفظ الجلالة.
وأما حقا فمفعول مطلق مؤكدا لغيره، لأن نفس ذلك الادخال لا يتعين لغة أى يكون حقا، بل محتمل الا أنه باعتبار صدق الله حق قطعا أى حق ذلك حقا، ويجوز أن يكون حالا من وعد الله، ولا يحتاج صحة هذا الوجه أن ينصب الذين يتدخل محذوفا، ووعد الله بتدخل المذكور كما قيل، مع أنه لا دليل على الحذف بطريق الاشتغال، ولا حاجة اليه ولا الى الحذف بمجرد الدليل، ولا الى معنى أنه يدخلهم الوعد ولو بمعنى الموعود لكفاية لفظ جنات، ولو على جعل وعد بدلا من جنات.
{ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً }: من للاستفهام الانكارى، انكار الله، أى نفى أن يكون أحد أصدق منه قولا، ومثل هذا الكلام فى عرف العرب نفى المساواة أيضا أى لا فائق له فى الصدق، ولا مساوى، وقيلا بمعنى قولا وهو تمييز.
ومن جملة قوله اخباره بالادخال المذكور، فهذه الجملة توكيد ثالث لاخباره بالادخال، والأول وعد الله، والثانى حقا وهو أبلغ من الأول والثانى، لأن فيه مطلق صدق الله، وزيادة التصريح بأنه أصدق القائلين، ونفى أنه لا يكون كذلك، وحكمة هؤلاء التوكيدات فى صدق اخبار الله معارضة مواعد الشيطان الكاذبة، والترغيب فى تحصيل ما يثبت به الثواب.