التفاسير

< >
عرض

فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ كَثِيراً
١٦٠
-النساء

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فَبِظُلُمٍ }: الفاء عطفت متعلق الباء وهو حرمنا بعده على متعلق بما نقضهم، وقدم للحصر، وبطريق العرب فى الاهتمام، أو نكر للتعظيم، وذلك الظلم هو ما عدد الله قبل من ذنوبهم ككفرهم، ونقض الميثاق، وطلب الرؤية، وقتل الأنبياء وغير ذلك من الذنوب السابقة على زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعض حرم عليهم قبل عيسى، وبعض على لسان عيسى، فذلك ذنوب ماضية غير مستقبلة.
{ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا }: متعلق بمحذوف ونعت لظلم.
{ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ }: وهى ما ذكره الله عز وجل فى قوله:
{ وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذى ظفر } الآية، واللبن أيضا ولحم الجمل، قيل: وكلما أذنبوا ذنبا صغيرا أو كبيرا حرم عليهم بعض الطيبات من الطعام وغيره، ولعله المراد كلما الذنب كالمباح لا يخونه، وأصروا عليه، وجملة: أحلت لهم نعت طيبات، وقرأ ابن عباس: طيبات كانت أحلت لهم.
{ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً }: من الناس، أو بصدهم الناس صدا كثيرا، وذلك قبل عيسى، وعن عيسى والانجيل، فحرم عليهم على لسان عيسى ومن قبله ما كان حلالا لهم، وليس المراد صدهم عن الايمان بالقرآن، صدهم عن الايمان بالنبى محمد صلى الله عليه سلم، لأن هذا ذنب مستقبل عيسى، ولا يؤاخذون قبل الذنب، وأما فى زمان بعث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فلا يحرم عليهم شىء الا ما حرمه القرآن، لأنه لا دين يخاطبون به حينئذ الا دين محمد صلى الله عليه وسلم ونبينا.