التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَٰبِ يَشْتَرُونَ ٱلضَّلَٰلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ ٱلسَّبِيلَ
٤٤
-النساء

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ }: التوراة وهم أحبار اليهود الذين كانوا بالمدينة، وقيل اليهود والنصارى، فالكتاب التوراة والإنجيل، والرؤية قلبية وعديت بإلى لتضمنها معنى الانتهاء، أى: ألم نأته علمك إليهم أو البصرية لأنها تعدى بإلى كالنظر، كما تعدى بنفسها، يقال: ورأيت إليه، كما يقال: نظرت إليه، والأول أولى، ووجه الثانى أنه يقال: أنظر إنه الذى فعل كذا، ويريدون النظر إليه بالعين، ولكن المراد التوصل بنظر بدنه إلى توسم أحواله، وقال ابن عباس: أنزلت فى رفاعة بن زيد، ومالك اليهوديين، كانا إذا تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم حاكياه وعاباه وعاباه والنصيب من الكتاب: بعضه، وقيل معرفتهم بموسى، وأنكروا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ولم يعرفوها، وقيل عرفوها وأنكروها فيه، أنه من عرف شيئاً فقد أوتيه ولو أنكره بلسانه، وقيل: النصيب الذى أوتوه المعرفة والنصيب الذى لم يؤتوه هو العمل، والصحيح الأول، وهو أنه عرفوا بعض الكتاب هكذا بحيث نعم ذلك بالبعض نبوة سيرة محمد صلى الله عليه وسلم
{ يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ }: الضلالة: تكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والبقاء على اليهودية. والهدى: الإيمان به، لتبقى رئاستهم والعطايا التى يعطونها والرشا التى يرشونها فى الحكم، وعلى تحريف التوراة، والاشتراء إما اختيارهم الضلالة والإعراض عما يذكر لهم من الهدى، قبل أن يفهموه، وإما اختيارهم لها بعد إدراكهم الهدى وفهمهم له، أو بعد تمكنهم من فهمه، فاستعمل الشراء فى مطلق الإقبال على شىء وترك غيره استعمالا للفظ الموضوع للمعنى المقيد فى المعنى المطلق، أو استعير لفظ الشراء لذلك الإقبال، وقيل: المراد الذين يعطون أموالهم للأحبار.
{ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّواْ السَّبِيلَ }: كما ضلوه، لم يكتفوا بضلالتهم، بل أرادوا أن تصلوا معهم أيها المؤمنون بعد وضوح الآيات لهم ولكم على نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه النبى المبشر فى التوراة والإنجيل، وكانوا يدعونكم إلى الضلالة، والسبيل سبيل الحق والشرع المحمدى، أو ملة إبراهيم عليه السلام، والنصب على حذف "عن" أى عن السبيل، أو على المفعولية لتضمين تضلوا معنى تتركوا أو تفقدوا، وقرئ: { يضلوا } بياء مضمومة مع كسر الضاد على حذف مفعول، أى أن يضلوكم السبيل، أو يضلوا غيرهم السبيل، ومع فتح الضاد، أى أن يوقفهم الله أو الشيطان فى الضلالة، شبه سعيهم فى الضلالة بإرادة أن يوقعهم الله فيها، أو الشيطان.