التفاسير

< >
عرض

وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَآءً فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَآءَ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً
٨٩
-النساء

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ }: لو مصدرية، وأما التمنى فمن قوله: ودوا أى ودوا كفركم، والواو لهؤلاء المنافقين، والمراد بقوله: { { ومن يضلل } المشركون مطلقا والمنافقون المذكورون، وأما الواو فى ودوا فللمشركين لا للمنافقين، لأن قوله: { { الا الذين يصلون الى قوم } لا يصلح لهم، ولو صلح لهم حتى يهاجروا بأن يراد بالهجرة الاخلاص فى خروجهم مع النبى صلى الله عليه وسلم.
{ كَمَا كَفَرُوا }: كما أشركوا، وأما أصحابنا فلا يطلق عندهم النفاق على الشرك المضمر، فيحملون النفاق المذكور، وهذا الكفر على ما دون الشرك وهو ظاهر فى اطلاقه على ترك الهجرة، الا أن الحكم بعدم الارث بين المهاجرين وغيره دل أن تركها حينئذ شرك، ولعله دليل على ما فى قلوبهم من الشرك، والأظهر عندى أنه يطلق النفاق على ما دون الشرك من الكبائر، وعلى الشرك المضمر.
{ فَتَكُونُونَ سَوَآءً }: يجمعكم الكفر.
{ فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَآءَ }: توالونهم، ولو أظهروا الايمان.
{ حَتَى يُهَاجِرُوا }: هذا يدل أنهم آمنوا بمكة، وأن ايمانهم لا يخرجهم عن حكم الشرك، ولو لم يكن فى قلوبهم الشرك لقوله: { حَتَى يُهَاجِرُوا } اللهم الا أن يقدر حتى يسلموا من قلوبهم ويهاجروا.
{ فِى سَبِيلِ اللهِ }: فبالهجرة تتحققون ايمانهم، اذ لو لا تحققه فى قلوبهم لم يهاجروا، ومعنى فى سبيل الله: فى دين الله، أى لأجل اقامة دين الله من أنفسهم، واعانة المؤمنين عليه طلبا لرضا الله لا لمرأة يتزوجها هذا، وغرض دنيوى يصيبه هذا، فمن هاجر لغرض دنيوى واحتمل أن فى قلبه الايمان أبقى عليه فى الدنيا، ولم يثبت على هجرته، والهجرة أما هجرة الى المدينة لتقوية الدين، واقامة المرء بنفسه دينه، والاعانة فى الغزو، وهذه زال وجوبها بعد فتح مكة الا أن من لم يتوصل الى دينه ولو سرا فى موضعه لزمه الخروج منه الى الآن، وما هجرة المعاصى وهذه باقية الى يوم القيامة، وأما الهجرة بعد الفتح مع التمكن من الدين حيث الكلف فغير واجبة.
{ فَإِن تَوَلَّوا }: أعرضوا عن الهجرة، ولم يكونوا من المعذورين بالضعف، قيل أو من اظهار الدين.
{ فَخُذُوهُمْ } أسارى.
{ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُهُمْ }: كسائر المشركين فى الحل والحرم.
{ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا }: توالونه وتحبونه وتفعلون له الخير حبا.
{ وَلا نَصِيراً }: تدفعون عدوكم من سائر المشركين، ولا تقبلوا ولايتهم ولا نصرهم، ولو جادوا به.